للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (١١٠)}

الشرح: {قُلْ إِنَّما أَنَا..}. إلخ: قال: ابن عباس-رضي الله عنهما-علّم الله تعالى رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم التواضع لئلا يزهى على خلقه، فأمره أن يقر، فيقول: أنا آدمي مثلكم، إلا أني خصصت بالوحي، وأكرمني الله به، ولا أعلم إلا ما يعلمني الله تعالى. {أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ:}

لا شريك له في ملكه، ولا مناوئ له في سلطانه. {فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ} أي: يرجو رؤيته، وثوابه، ويخشى عقابه. {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً} أي: من حصل له رجاء لقاء الله تعالى، وأيقن: أنه راجع إليه فليستعمل نفسه في العمل الصالح.

{وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} أي: لا يرائي بعمله أحدا من الناس، فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-قال: قال رجل: يا رسول الله إني أقف الموقف أريد وجه الله، وأريد أن يرى موطني، فلم يردّ عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى نزلت: {فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ..}. إلخ. رواه الحاكم، والبيهقي. قال الماوردي: قال جميع أهل التأويل: إن المراد بالآية النهي عن الرياء، كيف لا؟ وأحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم تصرح بأن الرياء شرك.

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّ الله تبارك وتعالى يقول: أنا أغنى الشركاء عن الشّرك، فمن عمل عملا أشرك فيه غيري؛ تركته؛ وشركه». أخرجه مسلم. ولغير مسلم: فأنا منه بريء هو والذي عمله. وعن سعيد بن أبي فضالة-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا جمع الله الناس ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان يشرك في عمل عمله لله أحدا، فليطلب ثوابه منه، فإنّ الله أغنى الشّركاء عن الشّرك». أخرجه الترمذي، وابن ماجة.

وعن شداد بن أوس-رضي الله عنه-: أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من صام يرائي فقد أشرك، ومن صلّى يرائي فقد أشرك، ومن تصدّق يرائي فقد أشرك». رواه البيهقي. هذا؛ وهناك أحاديث كثيرة في كتاب «الترغيب والترهيب» في هذا الباب، انظرها فيه إن شئت.

بعد هذا؛ وردت أحاديث ترغب في حفظ سورة (الكهف)، وقراءتها، في جميع الأوقات، وفي يوم الجمعة وليلتها يسن قراءتها بوجه خاص، وروي: أن رجلا قال لابن عباس-رضي الله عنهما-: إني أضمر أن أقوم ساعة من الليل، فيغلبني النوم، فقال: إذا أردت أن تقوم أي ساعة شئت من الليل؛ فاقرأ إذا أخذت مضجعك: {قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي..}. إلخ: إلى آخر السورة. فإن الله تعالى يوقظك متى شئت من الليل. انتهى. قرطبي. قلت: وهو مجرب، والحمد لله! وانظر ما ذكرته في أول السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>