للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتعليل لا محل لها، وجملة {وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها.

{الَّتِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة {الْقُلُوبُ}. {فِي الصُّدُورِ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ (٤٧)}

الشرح: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ} أي: يطلبون منك يا محمد أن تعجل لهم ما وعدتهم به من العذاب. والمراد: النضر بن الحارث، وأبو جهل، وأضرابهما، الذين قالوا: {فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ}. {وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ} أي: في إنزال العذاب. قال الزجاج: استعجلوا العذاب، فأعلمهم الله: أنه لا يفوته شيء، وقد نزل بهم في الدنيا يوم بدر. وانظر ما ذكرته في «العجلة» في الآية رقم [٣٧] من سورة (الأنبياء).

{وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ:} قال ابن عباس، ومجاهد: يعني من الأيام التي خلق الله فيها السموات، والأرض. وقال عكرمة: يعني من أيام الآخرة.

أعلمهم الله إذ استعجلوه بالعذاب في أيام قصيرة: أنه يأتيهم به في أيام طويلة. وقال الفراء:

هذا وعيد لهم بامتداد عذابهم في الآخرة. هذا؛ ويوم النعيم في الآخرة كألف سنة أيضا، يدل عليه ما روي عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنّور التّامّ يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم، وذلك مقدار خمسمئة سنة». أخرجه أبو داود، والترمذي. هذا؛ وقال تعالى في سورة (المعارج):

{مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} وقيل: المراد به يوم القيامة، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى هناك، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ وقرئ: «(يعدون)» بالياء، فيكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة، وقيل:

التفات على قراءته بالتاء. تأمل، انظر الآية رقم [٣٤] من سورة (الأنبياء)، وشرح {عَذابِ} في الآية رقم [٤٦] منها، وانظر شرح {سَنَةٍ} في الآية رقم [٢٥] من سورة (الكهف)، وانظر شرح {يَوْماً} في الآية رقم [١٤] من سورة (الإسراء)، وشرح (ربك) في رقم [٨] منها.

الإعراب: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ:} الواو: حرف استئناف. (يستعجلونك): مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والكاف مفعوله، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {بِالْعَذابِ:} متعلقان بما قبلهما. {وَلَنْ:} الواو: حرف عطف. (لن): حرف نفي، ونصب، واستقبال. {يُخْلِفَ:}

مضارع منصوب ب‍: (لن). {اللهُ:} فاعله. {وَعْدَهُ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل

<<  <  ج: ص:  >  >>