وذهب قوم إلى أنه لا يقرأ سواء أسر الإمام، أو جهر، يروى ذلك عن جابر، وإليه ذهب أصحاب الرأي. أي: السادة الأحناف.
حجة من لا يرى القراءة خلف الإمام ظاهر هذه الآية، وحجة من قال: يقرأ في السرية دون الجهرية، قال: إن الآية تدل على الأمر بالاستماع لقراءة القرآن، ودلت السنة على وجوب القراءة خلف الإمام، فحملنا مدلول الآية على صلاة السرية، وحملنا مدلول السنة على صلاة الجهرية، جمعا بين دلائل الكتاب، والسنة.
وحجة من أوجب القراءة خلف الإمام في السرية والجهرية قال: الآية واردة في غير الفاتحة؛ لأن دلائل السنة قد دلت على وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام، ولم يفرق بين السرية والجهرية، ويدل عليه ما روي عن عبادة بن الصامت؛ قال: صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: «أراكم تقرءون وراء إمامكم!». قال، قلنا يا رسول الله: أي والله! قال:
«لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها». أخرجه الترمذي بطوله، وأخرجاه في الصحيحين أقصر منه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب». وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج، يقولها ثلاثا». أي غير تمام. انتهى. بتصرف بسيط، والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
الإعراب: (إذا): انظر الآية رقم [٢٠١]. {قُرِئَ:} ماض مبني للمجهول. {الْقُرْآنُ:}
نائب فاعل، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا): إليها على المشهور المرجوح.
{فَاسْتَمِعُوا:} الفاء: واقعة في جواب (إذا). (استمعوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب (إذا) لا محل لها. {لَهُ:} متعلقان بما قبلهما، وجوز اعتبار اللام زائدة، فيكون الضمير مجرورا لفظا، منصوبا محلاّ على أنه مفعول به. وجملة: {وَأَنْصِتُوا} معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} انظر إعراب هذه الجملة، وما ذكرته من الترجي في الآية رقم [٦٣].
{وَاُذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥)}
الشرح: {رَبَّكَ:} انظر الآية [٣]. {نَفْسِكَ:} انظر (النفس) في الآية رقم [٩]. {تَضَرُّعاً:}
انظر الآية رقم [٥٥]. {وَدُونَ:} انظر الآية رقم [٣]. {بِالْغُدُوِّ:} جمع غدوة بضم الغين، وهي ما بين طلوع الفجر، وطلوع الشمس، وقيل: إلى الضحوة الكبرى، والغداة في الأصل: الضحوة، ولو حملها حامل على أول النهار؛ جاز له التذكير، والجمع: غدوات. {وَالْآصالِ:} جمع: أصيل، وهو الوقت بين العصر، والمغرب، ويجمع أيضا على أصائل، وأصل، وأصلان. وقيل: أصائل جمع