للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لِكُلِّ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني تقدم على الأول، وكل مضاف، و {نَبِيٍّ} مضاف إليه. {عَدُوًّا:} مفعول به أول. {مِنَ الْمُجْرِمِينَ:} متعلقان ب‍ {عَدُوًّا،} أو بمحذوف صفة له، والجملة الفعلية: {وَكَذلِكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَكَفى:} الواو: واو الاستئناف. (كفى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر.

{بِرَبِّكَ:} الباء: حرف جر صلة. (ربك): فاعل (كفى) مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله ضمير مستتر فيه. {هادِياً:} تمييز، وأجيز اعتباره حالا. {وَنَصِيراً:} معطوف على ما قبله، وجملة: {وَكَفى..}. إلخ مستأنفة، أو معطوفة على ما قبلها لا محل لها على الاعتبارين، والحالية ضعيفة فيها.

{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (٣٢)}

الشرح: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً:} اختلف في قائل ذلك على قولين: أحدهما: أنهم كفار قريش، قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-. الثاني: أنهم اليهود حين رأوا نزول القرآن مفرقا، قالوا: هلا أنزل عليه جملة واحدة، كما أنزلت التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والزبور على داود على نبينا، وعليهم أجمعين ألف صلاة، وألف سلام، فقال الله تعالى ردّا عليهم: {كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ} أي: نقوي به قلبك، فتعيه، وتحمله؛ لأن الكتب المتقدمة إنما أنزلت على أنبياء يكتبون ويقرؤون، والقرآن إنما أنزل على نبي أمي، ولأن من القرآن الناسخ والمنسوخ، فالمتأخر قد نسخ كثيرا من الآيات المتقدمة، أو نسخ بعض أحكامها، ولأن منه ما هو جواب لمن سأل عن شيء، ولأن منه ما نزل لحل مشكلة حصلت في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم، فتفريقه كان أوعى للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وأيسر على العامل به، وحفظه أسهل، فكان كلما نزل وحي جديد زاد قلب النبي صلّى الله عليه وسلّم قوة وثباتا، وازداد المؤمنون به إيمانا فوق إيمانهم، كما قال تعالى: {وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً}. رقم [٢] من (الأنفال).

فإن قيل: هلا أنزل دفعة واحدة وحفظه؛ إذ كان ذلك في قدرته، فالجواب: أن في قدرة الله أن يعلم نبيه القرآن كله في لحظة واحدة، ولكنه لم يفعل، ولا معترض عليه تعالى في حكمه، وقد بينا وجه الحكمة ظاهرا في ذلك، ولله في كتابه، وقضائه، وقدره أسرار حيرت ذوي العقول، والأبصار. {وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً} أي: وقرأناه عليك شيئا بعد شيء على تؤدة وتمهل في ثلاث وعشرين سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>