في محل نصب مفعول به ل {أَعْلَمُ} على تأويله ب: «عالم»، أو هو مفعول به لفعل محذوف، تقديره: يعلم، وإنما احتيج إلى ذلك؛ لأن {أَعْلَمُ} لا ينصب المفعول به. {جاءَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {مَنْ،} وهو العائد أو الرابط. {بِالْهُدى:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية صلة {مَنْ} أو صفتها. {وَمَنْ:} الواو: حرف عطف. {مَنْ:} معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها. {هُوَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {فِي ضَلالٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {مُبِينٍ:} صفة: {ضَلالٍ،} والجملة الاسمية: {هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} صلة {مَنْ،} أو صفتها، والجملة الاسمية:{رَبِّي..}.
إلخ في محل نصب مقول القول. وجملة:{قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{وَما كُنْتَ تَرْجُوا:} تأمل، وتتوقع. وانظر الآية رقم [٢١] من سورة (الفرقان){أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ} أي: ما كنت قبل النبوة، ونزول الوحي تؤمّل أن ينزل عليك القرآن من السماء. {إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} أي: ولكن أنزله الله عليك رحمة، وفضلا، وكرما، {فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ} أي: معاونا، ومساعدا للكافرين على ظلمهم، وفسوقهم، وفسادهم. وانظر الآية رقم [١٧] تجد ما يسرك. هذا؛ وقيل: نزلت الآية الكريمة حين دعا كفار قريش النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى دين آبائه، فذكره نعمه عليه، ونهاه عن مظاهرتهم على ما هم عليه. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: الخطاب في الظاهر للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمراد أهل دينه. انتهى. وهذا المعنى يتكرر في آيات الله، كما في الآية التالية.
الإعراب:{وَما:} الواو: حرف استئناف. {كُنْتَ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه. {تَرْجُوا:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الواو، والفاعل مستتر فيه وجوبا تقديره:«أنت». {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب. {يُلْقى:} فعل مضارع مبني للمجهول منصوب ب {أَنْ،} وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. {إِلَيْكَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {الْكِتابُ:} نائب فاعل، و {أَنْ} المصدرية والفعل {يُلْقى} في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به، وجملة:{تَرْجُوا..}. إلخ في محل نصب خبر (كان)، وجملة:{كُنْتَ تَرْجُوا..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها. وإن اعتبرتها في محلّ نصب حال من ضمير المخاطب في الآية السابقة؛ فلست مفندا، والرابط: الواو، والضمير. {إِلاّ:} حرف حصر بمعنى: «لكن».
{رَحْمَةً:} مفعول لأجله، والعامل محذوف، والتقدير: لكن ألقاه رحمة منه. ويجوز أن يكون الاستثناء محمولا على المعنى، كأنه قال: وما ألقي إليك الكتاب إلا رحمة، أي: لأجل الترحم.