للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تحقر الرأي: قد يأتي الحقير به... فالنحل وهو ذباب طيب العسل

ولقد سار النبي صلّى الله عليه وسلّم بالمسلمين هذه السيرة؛ التي أوجبها عليه القرآن الكريم؛ تطييبا لنفوسهم، ورفعا لأقدارهم، وتألفا على دينهم، وتركيزا لمبادئ الشورى بينهم، حتى يسير على ضوئها من يأتي بعده من الرؤساء، والزعماء، وذوي الرأي: من أهل الحل، والعقد. ورحم الله من يقول: [الكامل]

شاور صديقك في الخفيّ المشكل... واقبل نصيحة ناصح متفضّل

فالله قد أوصى بذاك نبيّه... في قوله: شاورهم وتوكّل

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاءكم، وأموركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها. وإذا كان أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأموركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها». أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.

الإعراب: {وَالَّذِينَ:} الواو: حرف عطف. (الذين): معطوف على ما قبله، والجملة الفعلية بعده صلته. {لِرَبِّهِمْ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وجملة: {وَأَقامُوا الصَّلاةَ} معطوفة على جملة الصلة، لا محلّ لها مثلها. {وَأَمْرُهُمْ:} مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {شُورى:}

خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. {بَيْنَهُمْ:} ظرف مكان متعلق ب‍: {شُورى،} أو بمحذوف صفة له، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية معطوفة على جملة الصلة، لا محلّ لها مثلها، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من واو الجماعة؛ فلست مفندا، ويكون الرابط: الواو، والضمير. {وَمِمّا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل:

{يُنْفِقُونَ،} و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر ب‍:

(من). {رَزَقْناهُمْ:} ماض، وفاعله، ومفعوله الأول، والجملة الفعلية صلة: (ما) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: ينفقون من الذي، أو من شيء رزقناهم إياه، أو رزقناهموه، والجملة: {يُنْفِقُونَ..}. إلخ معطوفة على جملة الصلة، لا محلّ لها مثلها.

{وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩)}

الشرح: قال ابن زيد-رحمه الله تعالى-: جعل الله المؤمنين صنفين: صنف يعفون عمّن ظلمهم، فبدأ بذكرهم، وهو قوله تعالى: {وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}. وصنف ينتصرون من ظالمهم، وهو الذي ذكر في هذه الآية. وقال ابن العربي: ذكر الله الانتصار في البغي في معرض

<<  <  ج: ص:  >  >>