للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجرور متعلقان ب‍ {فَضْلُ}. {وَرَحْمَتُهُ:} معطوف على ما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله، والخبر محذوف وجوبا، تقديره: موجود، والجملة الاسمية لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية. {لاتَّبَعْتُمُ:} اللام: واقعة في جواب ({لَوْلا}). (اتبعتم): فعل وفاعل، والجملة الفعلية جواب ({لَوْلا}) لا محلّ لها، و ({لَوْلا}) ومدخولها كلام معطوف على ما قبله، أو هو مستأنف لا محلّ له على الاعتبارين. {إِلاّ:} أداة استثناء. {قَلِيلاً:} منصوب على الاستثناء.

{فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً (٨٤)}

الشرح: نزلت الآية الكريمة في مواعدة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا سفيان موسم بدر الصّغرى، بعد حرب أحد، وذلك في ذي القعدة، فلمّا بلغ الميعاد دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الناس إلى الخروج، فكرهه بعضهم فأنزل الله الآية. وانظر تفصيل ذلك في الآية رقم [١٧٢] من سورة (آل عمران) وما بعدها؛ تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك.

{فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ} أي: لإعلاء كلمته، ونصر دينه. {لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ} أي: لا تلزم فعل غيرك، ولا تؤاخذ به، بل جاهد في سبيل الله؛ ولو وحدك، فإنّ الله ناصرك بلا جنود، وقد وعدك النصر عليهم، وهو لا يخلف الميعاد. فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سبعين راكبا إلى بدر الصّغرى، فكفاهم الله القتال، ورجعوا سالمين، وعاتب الله من تخلف عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بهذه الآية على ترك الجهاد، والخروج معه. وفي الآية دليل على أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان أشجع الناس، وأعلمهم بأمور القتال، ومكايده؛ لأنّ الله تعالى أمره بالقتال، ولو لم يكن أشجع الناس؛ لما أمره بذلك، كيف لا؛ وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: «والله لأقاتلنّهم حتّى تنفرد سالفتي»؟! وموقفه في غزوة هوازن حينما هرب المسلمون، وثبت في مكانه، وهو يقول: «أنا النّبيّ لا كذب، أنا ابن عبد المطّلب». وقد قال عليّ بن أبي طالب-رضي الله عنه-: كنّا إذا اشتدّ البأس؛ اتّقينا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم. كلّ ذلك يشهد بشجاعته صلّى الله عليه وسلّم.

ولقد اقتدى به الصدّيق-رضي الله عنه-في قتال أهل الردّة من بني حنيفة الّذين منعوا الزّكاة، وارتدّ بعضهم عن الإسلام، فعزم على الخروج إلى قتالهم وحده، فقال: والله لو خالفني يميني؛ لجاهدتهم بشمالي.

{وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} يعني: حضّهم على الجهاد، ورغّبهم في الثواب، وليس عليك في شأنهم إلا التّحريض، فحسب، لا التوبيخ، والتعنيف. هذا؛ والحرض: الفساد في البدن، وفي المذهب، وفي العقل، والرجل الفاسد: المريض، ومنه: الهزال بسبب همّ، وغمّ. قال تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>