للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاِتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢)}

الشرح: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} انظر الآية السابقة. {لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ} جمع: شعيرة، أي:

لا تتعدوا حدود الله في أمر من الأمور. هذا؛ وقال عطاء بن أبي رباح: {شَعائِرَ اللهِ:} جميع ما أمر الله به، ونهى عنه. وقال الحسن: دين الله كلّه، كقوله تعالى في سورة (الحج): {ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} والمراد هنا: مناسك الحج، من وقوف بعرفات، ومبيت بمزدلفة، ورمي للجمار، وسعي، وطواف، وحلق، وغير ذلك. والمراد: النّهي عن هتك حرمة هذه المناسك بفعل شيء مخلّ فيها، والحث على أدائها على الوجه الأكمل. وفي الكلام استعارة؛ حيث استعار الشّعيرة، وهي: العلامة للمتعبّدات؛ التي تعبّد الله بها العباد من الحلال، والحرام.

{وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ:} الشهر فيه لأهل اللغة قولان: أشهرهما: أنّه اسم لمدّة الزمان الذي يكون مبدؤها الهلال ظاهرا إلى أن يستتر، سمّي بذلك لشهرته في حاجة الناس إليه في العبادات، والمعاملات، وغيرهما. والثاني قاله الزجاج: أنّه اسم للهلال نفسه. ويجمع على أشهر، وشهور. و {الْحَرامَ:} المحرّم. والأشهر المحرّمة أربعة: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم، وشهر رجب. قال تعالى في سورة (التوبة) رقم [٣٦]: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} وقال الرسول الأعظم صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع: «إنّ الزّمان قد استدار كهيئته يوم خلق السّماوات والأرض، السّنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم، ورجب مضر الّذي بين جمادى، وشعبان» سمّيت حرما لتحريم القتال فيها، وكان القتال محرّما في هذه الأشهر في بدء الإسلام، ثم نسخ هذا التحريم بقوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [١٢٣]: {الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ،} والمعنى: الشهر الحرام مقابل بمثله، أي: فكما قاتلوكم فيه؛ فاقتلوهم في مثله.

هذا؛ والحرام في الأصل: كلّ ممنوع. وقولهم: لفلان بي حرمة، أي: ممتنع من مكروهه.

وحرمة الرجل محظورة به عن غيره، وقوله تعالى: {وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} فالمحروم هو: الممنوع من المال، والتلذّذ به. والإحرام بالحج هو: المنع من أمور معروفة. والبيت

<<  <  ج: ص:  >  >>