عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار لمن في النار من أهل القبلة: ألستم مسلمين؟ قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها، فيغفرها الله لهم بفضل رحمته، فيأمر الله بكلّ من كان من أهل القبلة في النار، فيخرجون منها، فحينئذ يودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين». ذكره البغوي بغير سند. انتهى. خازن. وفي القرطبي قريب من معناه، وهو من رواية جابر بن عبد الله، -رضي الله عنهما-.
الإعراب:{رُبَما:} كافة ومكفوفة، وقال الأخفش:(رب) حرف جر شبيه بالزائد لا يتعلق بشيء، و (ما): نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل جر لفظا ب: (رب)، وهي في محل رفع مبتدأ. {يَوَدُّ:} مضارع. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، وجملة:
{كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها، والجملة مستأنفة على اعتبار (رب) مكفوفة، وفي محل جرّ صفة (ما)، على اعتبارها موصوفة، والرابط محذوف، التقدير:
يوده الذين كفروا، وعليه فخبر المبتدأ (ما) محذوف تقديره موجود، وعليه فالجملة اسمية، وهي مستأنفة، لا محل لها. {لَوْ:} حرف مصدري. {كانُوا:} ماض ناقص، مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {مُسْلِمِينَ:} خبر كان منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، و {لَوْ} المصدرية وما بعدها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به؛ أي: يود الذين كفروا كونهم مسلمين على اعتبار (ما) كافة لرب، وعلى اعتبارها نكرة موصوفة فالمصدر المؤول بدل منها. هذا؛ وأجيز اعتبار {لَوْ} امتناعية، فيكون جوابها محذوفا، تقديره: لسروا بذلك، أو تخلصوا مما هم فيه، ومفعول يود محذوف على هذا التقدير؛ أي: ربما يود الذين كفروا النجاة، وعليه ف:{لَوْ} ومدخولها كلام مستأنف لا محل له، والأول: أقوى بلا ريب.
الشرح:{ذَرْهُمْ:} اتركهم. {يَأْكُلُوا} أي: كما تأكل الأنعام. {وَيَتَمَتَّعُوا:} بدنياهم، وما فيها من نعيم، ولذات، وشهوات. {وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ:} يشغلهم عن الإيمان بالله، وعن طاعته وعبادته الأمل في هذه الدنيا. {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} أي: إذا وردوا القيامة، وذاقوا، وبال ما صنعوا، ففيه تهديد، ووعيد لمن أخذ حظه من الدنيا ولذاتها، ولم يأخذ بحظه من طاعة الله عز وجل، قال بعض أهل العلم:{ذَرْهُمْ} تهديد، و {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} تهديد فكيف يهنأ العيش بين تهديدين، وهذه الآية منسوخة بآية القتال، فإن المخاطب بذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم والمعنيّ بالتهديدين كفار قريش.
{ذَرْهُمْ:} اتركهم، والمستعمل من هذه المادة المضارع والأمر بكثرة في القرآن الكريم، وفي الكلام العربي، ومثله:«دع» ومضارعه: يدع، فكلا المادتين ناقص التصرف، وهما بمعنى: