للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقدر على مثلها أحد. والنقمة عقوبة المجرم، وقد تكون ظلما، وعدوانا، قال تعالى في سورة (الأعراف) في الآية رقم [١٢٦] حكاية عن قول السحرة لفرعون: {وَما تَنْقِمُ مِنّا إِلاّ أَنْ آمَنّا بِآياتِ رَبِّنا لَمّا جاءَتْنا..}. إلخ، وقال تعالى في سورة (البروج): {وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} يقال: نقم من كذا: إذا أنكره، وانتقم منه: إذا كافأه، والفعل نقم، ينقم من باب:

ضرب. ونقم، ينقم من باب فهم، يفهم، وعلم يعلم. قال أبو جهل الخبيث في غزوة بدر، التي كانت فيها خيبته، وخزيه-وهو الشاهد رقم [٦٣] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الرجز]

ما تنقم الحرب العوان منّي... بازل عامين حديث سنّي

لمثل هذا ولدتني أمّي

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها. {كَفَرُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة صلة الموصول، لا محلّ لها. {بِآياتِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (آيات) مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم. {عَذابٌ:} مبتدأ مؤخر.

{شَدِيدٌ:} صفة له، والجملة الاسمية في محل رفع خبر: {إِنَّ} ولم تقترن الجملة الاسمية بالفاء لشدّة ارتباط الكفر بالعذاب، فلا حاجة إلى رابط، هذا وجوز اعتبار الجار والمجرور متعلّقين بمحذوف خبر: {إِنَّ} و {عَذابٌ} فاعلا بمتعلقه. {وَاللهُ:} الواو: واو الاعتراض.

({اللهِ}): مبتدأ. {عَزِيزٌ:} خبر أول. {ذُو:} خبر ثان مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمّة؛ لأنّه من الأسماء الخمسة، وهو مضاف، و {اِنْتِقامٍ} مضاف إليه، والجملة الاسمية معترضة في آخر الكلام، الغرض منها التّهديد، والوعيد، فلا محلّ لها.

{إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥)}

الشرح: {إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ..}. إلخ: أي: لا يغيب عن علمه شيء، فهو العالم بما كان، وما يكون؛ فكيف يكون عيسى إلها، أو ابن إله؟! ... وهل تخفى عليه هذه الأشياء. وقدّم ذكر الأرض على السماء ترقيا من الأدنى إلى الأعلى، والمراد بما في الأرض، وبما في السماء من كلّيّ، وجزئيّ. وخصّهما بالذّكر؛ لأنّ الحسّ البشري لا يتجاوزهما، هذا وأصل سماء: سماو، فيقال في إعلاله، تحرّكت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، ولم يعتدّ بالألف الزائدة؛ لأنّها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة. وقل مثله في إعلال «بناء» ونحوه من «صحراء، وحمراء، وزرقاء».

هذا؛ والسّماء يذكر، ويؤنث، وهو كل ما علاك، فأظلّك، ومنه قيل لسقف البيت: سماء.

والسماء يطلق على المطر، يقال: ما زلنا نطأ السّماء حتى أتيناكم. قال معاوية بن مالك: [الوافر]

<<  <  ج: ص:  >  >>