للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محذوف، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له، وجملة: {فَفَسَقُوا فِيها} معطوفة على جواب (إذا) لا محل لها أيضا، وجملة: {فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ} معطوفة أيضا. وأيضا جملة:

{فَدَمَّرْناها} معطوفة أيضا. {تَدْمِيراً:} مفعول مطلق مؤكد للفعل.

{وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (١٧)}

الشرح: {وَكَمْ:} خبرية كناية عن عدد مبهم، وهي هنا بمعنى: كثير، والمعنى: أهلكنا كثيرا من القرون من بعد نوح، كعاد، وثمود، وغيرهم ممن لا يعلمه إلا الله تعالى، وإنما قال:

{مِنْ بَعْدِ نُوحٍ؛} لأنه أول رسول كذبه قومه، ولذا لم يقل: من بعد آدم. وانظر ما جرى لنوح عليه السّلام مع قومه مع سورة (الأعراف) وسورة (هود) عليه السّلام. {وَكَفى:} انظر شرحه في الآية رقم [٦٥] الآتية وقدم {خَبِيراً} لتقدم متعلقه. وقال النسفي: خبيرا بذنوب عباده، وإن أخفوها في الصدور، بصيرا بها، وإن أرخوا عليها الستور. انتهى. وهما اسما مبالغة كما ترى. هذا؛ والآية فيها تهديد، وتخويف لكفار مكة.

هذا؛ و (ذنوب) جمع: ذنب، وهو يطلق على مخالفة الله فيما أمر، أو فيما نهى عنه، وهو على درجات: منها الصغائر، ومنها الكبائر، وتفصيلها معروف في محالّها. هذا؛ و (ذنوب) بضم الذال، وهو بفتحها بمعنى: النصيب. قال تعالى في سورة (الذاريات) رقم [٥٩] {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ} و «ذنوب» بفتحها الدلو العظيمة في الأصل. قال الراجز: [الرجز]

إنّا إذا شاربنا شريب... له ذنوب ولنا ذنوب

فإن أبى كان له القليب

هذا؛ و {الْقُرُونِ} جمع: قرن بفتح القاف، وسكون الراء وهو مائة سنة على الصحيح. وقيل:

ثمانون. وقيل: ثلاثون، ويقال: القرن في الناس أهل زمان واحد، وهو المراد في الآية الكريمة، ونحوها وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «خير القرون قرني...» إلخ ومنه قول الشاعر: [الطويل]

إذا ذهب القرن الذي أنت فيهمو... وخلّفت في قرن، فأنت غريب

وخذ قول لبيد بن ربيعة الصحابي-رضي الله عنه-: [الطويل]

فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب... لعلّك تهديك القرون الأوائل

والقرن: بفتح القاف أيضا: الزيادة العظيمة؛ التي تنبت في رءوس بعض الحيوانات، ومنه:

اسكندر ذو القرنين. والقرن: الجبل الصغير، وذؤابة المرأة من الشعر. والقرن: من القوم سيدهم، ومن السيف حده، ونصله. وجمعه في كل ما تقدم: قرون. هذا؛ وهو بكسر القاف، وسكون الراء: الكفؤ في الشجاعة، والعلم، ونحوهما، والجمع على هذا: أقران.

<<  <  ج: ص:  >  >>