للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَوْ أَنّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤)}

الشرح: {وَلَوْ أَنّا أَهْلَكْناهُمْ} أي: أهل مكة. {بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ} أي: قبل بعثة محمد صلّى الله عليه وسلّم وإنزال القرآن. {لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا..}. إلخ: أي: لقالوا يوم القيامة: هلا أرسلت إلينا يا ربنا رسولا يدعونا إلى الإيمان ويبيّن لنا ما يجب علينا من عبادتك، وتقديسك. {فَنَتَّبِعَ آياتِكَ..}.

إلخ: أن نذل بالقتل، والسبي في الدنيا، {وَنَخْزى} بالعقاب الشديد، والعذاب الأليم في الآخرة. هذا؛ ويقرأ الفعلان للمعلوم بالبناء للمجهول.

هذا؛ وروى أبو سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الهالك في الفترة والمعتوه، والمولود. قال: «يقول الهالك في الفترة: لم يأتني كتاب، ولا رسول، ثمّ تلا الآية: {وَلَوْ أَنّا أَهْلَكْناهُمْ..}. إلخ. ويقول المعتوه: ربّ لم تجعل لي عقلا، أعقل به خيرا، ولا شرّا. ويقول المولود: ربّ لم أدرك العمل. فترفع لهم نار، فيقول لهم: ردوها وادخلوها.

قال: فيردها، أو يدخلها من كان في علم الله سعيدا لو أدرك العمل، ويمسك عنها من كان في علم الله شقيّا لو أدرك العمل، فيقول الله تبارك وتعالى: إياي عصيتم، فكيف رسلي لو أتتكم؟!». وبه احتج من قال: إن الأطفال وغيرهم يمتحنون في الآخرة. انتهى. قرطبي. هذا؛ وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٥] من سورة (الإسراء) بشأن أهل الفترة.

الإعراب: {وَلَوْ:} الواو: حرف استئناف. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره.

{أَنّا:} حرف مشبه بالفعل. و (نا): اسمها، حذفت نونها للتخفيف، وبقيت الألف دليلا عليها.

{أَهْلَكْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به. وانظر إعراب (نذرت) في الآية رقم [٢٦] من سورة (مريم) عليها السّلام. {بِعَذابٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {مِنْ قَبْلِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وتعليقهما بمحذوف صفة (عذاب) جيد معنى، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (أنّ)، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف، هو شرط لو عند المبرد، التقدير: ولو حصل، أو وقع عذابهم من قبل مبعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم. وقال سيبويه: هو في محل رفع بالابتداء، والخبر محذوف، التقدير: ولو هلاكهم حاصل، أو واقع. وقول المبرد هو المرجح لأن (لو) لا يليها إلا فعل ظاهر، أو مقدر، والفاعل المقدر على قول المبرد، وفاعله المؤول جملة فعلية لا محل لها من الإعراب؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي.

{لَقالُوا:} اللام: واقعة في جواب (لو). (قالوا): فعل، وفاعل، والألف للتفريق. وانظر الآية رقم [٢٦] من سورة (مريم) عليها السّلام. {رَبَّنا:} منادى حذفت منه أداة النداء، و (نا):

<<  <  ج: ص:  >  >>