للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إن) شرطية، فالفعل: {تَأْتِيَهُمْ} شرطها، وهو مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، وعليه؛ فالجملة لا محلّ لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَقَدْ:} الفاء: حرف تعليل. (قد): حرف تحقيق يقرّب الماضي من الحال. {جاءَ:} ماض. {أَشْراطُها:} فاعله، و (ها): في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها تعليلية.

{فَأَنّى:} الفاء: حرف استئناف على اعتبار (أن) مصدرية، وواقعة في جواب: (إن) على اعتبارها شرطية. (أنّى): اسم استفهام بمعنى: كيف، أو بمعنى: من أين، فهو مبني على السكون في محل رفع خبر مقدم. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالمصدر: {ذِكْراهُمْ،} أو هما متعلقان بمحذوف حال منه. {ذِكْراهُمْ:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، والهاء في محل جر بالإضافة. هذا؛ وأجيز تعليق: {لَهُمْ} بمحذوف خبر (أنّى) على اعتباره مبتدأ، واعتبار (أن) مصدرية، وفي محل جزم جوابها على اعتبارها شرطية. هذا؛ وقال السمين: ويجوز أن يكون المبتدأ محذوفا؛ أي: أنّى لهم الخلاص؟ ويكون ذكراهم فاعلا ب‍: {جاءَتْهُمْ} ولا تنس أنّ (إذا)، ومدخولها كلام معترض، وجوابها محذوف، التقدير: كيف لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة؛ فكيف يتذكرون؟

{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (١٩)}

الشرح: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وأورد على هذا: أنه صلّى الله عليه وسلّم كان عالما بالله، وأنه لا إله إلا هو؛ فما فائدة هذا الأمر؟ وأجيب عنه: بأن معناه: دم على ما أنت عليه من العلم. فهو كقول القائل للجالس: اجلس؛ أي: دم على ما أنت عليه من الجلوس، أو يكون معناه: ازدد علما إلى علمك. وقيل: إن هذا الخطاب، وإن كان للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فالمراد به غيره من أمته. انتهى. خازن.

{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ:} قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: يحتمل وجهين: أحدهما: يعني:

استغفر الله أن يقع منك ذنب. الثاني: استغفر الله ليعصمك من الذنوب. انتهى. أقول: وعليه فالمعنى عليها استعذ بالله، واعتصم به، والتجئ إليه. وقيل: لما ذكر له حال الكافرين، والمؤمنين أمره بالثبات على الإيمان؛ أي: اثبت على ما أنت عليه من التوحيد، والإخلاص، والحذر عمّا تحتاج معه إلى استغفار. وقيل: كان صلّى الله عليه وسلّم يضيق صدره من كفر الكافرين، والمنافقين، فنزلت الاية: أي فاعلم: أنه لا كاشف يكشف ما بك إلاّ الله، فلا تعلق قلبك بأحد سواه. وقيل: أمر بالاستغفار؛ لتقتدي به الأمة. وقيل: الخطاب له، والمراد به الأمة. انظر ما

<<  <  ج: ص:  >  >>