للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى (١٩) وَمَناةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢)}

الشرح: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى:} لما ذكر الله الوحي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وذكر من آثار قدرته ما ذكر؛ وبخ المشركين، وقرعهم بهذه الايات؛ إذ عبدوا ما لا يعقل، فقال: أفرأيتم هذه الالهة التي تعبدونها، أوحين إليكم شيئا، كما أوحي إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم. وكانت اللات لبني ثقيف بالطائف، والعزى لقريش، وبني كنانة، ومناة لبني هلال. وقال هشام: فكانت مناة لهذيل، وخزاعة، وكانت اللات صخرة بيضاء مربعة، وكان سدنتها من ثقيف، وكانوا قد سووا عليها بناء، له أستار، وسدنة، يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش، فكانت قريش وجميع العرب تعظمها، وبها كانت العرب تسمي: زيد اللات، وتيم اللات، فلم تزل كذلك إلى أن أسلمت ثقيف، فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المغيرة بن شعبة، فهدمها، وحرقها بالنار، وكانوا قد اشتقوا اسمها من اسم الله، فقالوا: اللات، يعنون مؤنثة منه. تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا! وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: كان اللات رجلا يلتّ السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه، تعظيما له ولعمله. قال شداد بن عارض الجشمي من أبيات قالها حين هدمت اللات، وحرقت، ينهي ثقيفا عن العود إليها والغضب لها. [البسيط] لا تنصروا اللاّت إنّ الله مهلكها... وكيف ينصركم من ليس ينتصر؟

أما العزى؛ فكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة، والطائف، كانت قريش تعظمها، كما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى، ولا عزى لكم! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قولوا:

الله مولانا، ولا مولى لكم». وكانوا قد اشتقوا اسمها من اسم العزيز، فقالوا: العّزى، يعنون مؤنثة منه، قال تعالى في سورة (الأعراف) رقم [١٨٠]: {وَلِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ}. انظر شرحها هناك تجد ما يسرك ويثلج صدرك، فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خالد بن الوليد -رضي الله عنه-إلى العزى، فقطعها، وحطمها، وجعل يضربها بالفأس، ويقول: [الرجز] يا عزّ كفرانك لا سبحانك... إنّي رأيت الله قد أهانك

فخرجت منها شيطانة، ناشرة شعرها، داعية بويلها، واضعة يدها على رأسها، ثم ضربها ففلق رأسها، فإذا هي حممة، ثم أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأخبره فقال: «تلك العزى، ولن تعبد أبدا».

وكانوا يسمون عبد العزّى، فأبو لهب عم النبي صلّى الله عليه وسلّم كان اسمه: عبد العزى. أما مناة فهي اسم صنم لهذيل، وخزاعة بقديد بين مكة، والمدينة، وكذلك قريش تعظمها أيضا، وسميت بذلك؛ لأنهم كانوا يريقون عندها الدماء، يتقربون بذلك إليه، وبذلك سميت منى في الجاهلية

<<  <  ج: ص:  >  >>