للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَجْمَعِينَ:} تأكيد لمعنى الكاف مع الميم منصوب... إلخ، والجملة الفعلية: {لَهَداكُمْ..}. إلخ لا محل لها، و (لو) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. تأمل، وتدبر، وربك أعلم وأجل، وأكرم.

{قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠)}

الشرح: {قُلْ:} هذا خطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم كسابقه، ولا حقه، وانظر «القول» في الآية رقم [/٥ ٧]. {هَلُمَّ:} اسم فعل بمعنى: احضروا، و {شُهَداءَكُمُ:} مفعول به، فإن اسم الفعل يعمل عمل مسماه من تعدّ، ولزوم، واعلم: أن فيها لغتين: لغة الحجاز، ولغة بني تميم، فأما لغة الحجاز، وبها جاء التنزيل، فإنها فيها بصيغة واحدة، سواء أسندت لمفرد، أم مثنى، أم مجموع، مذكر، أم مؤنث، نحو: هلمّ يا زيد، هلمّ يا زيدان، هلمّ يا زيدون، هلمّ يا هندان، هلمّ يا هندات. وهي على هذه اللغة اسم فعل لعدم تغيرها، والتزمت العرب فيها فتح الميم على هذه اللغة، وهي حركة بناء، بنيت على الفتح تخفيفا. وأما لغة تميم-وقد نسبها الليث إلى بني سعد-فتلحقها الضمائر، كما تلحق سائر الأفعال، فيقال: هلمّا يا زيدان، هلمّوا يا زيدون، هلمّي يا هند، هلمّنّ يا هندات. وقال الفراء:

يقال: هلمّين يا نسوة، وهي على هذه اللغة فعل صريح لا يتصرف. هذا قول الجمهور، وقد خالف بعضهم في فعليتها على هذه اللغة، وليس بشيء، والتزمت العرب فيها أيضا على لغة تميم فتح الميم إذا كانت مسندة لضمير الواحد المذكر، ولم يجيزوا فيها ما أجازوه في: ردّ، وشدّ من الضم والكسر. انتهى جمل نقلا عن السمين، ومثله في قطر الندى، ولكنه أخصر. هذا؛ وأصله عند البصريين: هالمّ من: لمّ إذا قصد، حذفت الألف لتقدير السكون في اللام فإنه الأصل، وعند الكوفيين أصله: هل أم، فحذفت الهمزة بإلقاء حركتها على اللام. وهو بعيد؛ لأن هل لا تدخل على الأمر، ويكون متعديا كما في الآية، ولازما كقوله تعالى: {هَلُمَّ إِلَيْنا} انتهى بيضاوي.

بعد هذا أقول: وهو جامد على الاعتبارين، لا يأتي منه مضارع، أو اسم مضارع، ولا ماض ولا اسمه. وانظر: {هاتُوا} في الآية رقم [٢/ ١١١] و {تَعالَوْا} في الآية التالية. {شُهَداءَكُمُ} أي: من الإنس، أو من الجن، ولا يراد به هنا الأصنام، وهو جمع: شاهد، أو شهيد. وإنما أمروا بإحضارهم؛ لتلزمهم الحجة، ويظهر ضلالهم، وأنه لا متمسك لهم سوى تقليدهم. {فَإِنْ شَهِدُوا:} بعد حضورهم. {فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ:} فلا تصدقهم فيه، وبين لهم فساده، فإن تسليمه موافقة لهم في الشهادة الباطلة. {وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا} أي: إن وقع منهم شهادة؛ فإنما هي باتباع الهوى، فلا تتبع أنت أهواءهم. وانظر {الْهَوى} في الآية رقم [٤/ ١٣٥] و {آيَةٍ} في الآية رقم [٤]. {وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ:} لا يصدقون، ولا يعتقدون بوجود

<<  <  ج: ص:  >  >>