{وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (٩)}
الشرح:{وَلَوْ جَعَلْناهُ..}. إلخ: أي: ولو جعلنا الرسول ملكا كما اقترحوا؛ لأنهم كانوا يقولون تارة لولا أنزل على محمد ملك، وتارة يقولون ما هذا إلا بشر مثلكم. ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة. {لَجَعَلْناهُ رَجُلاً} أي: لو أرسلنا إليهم ملكا؛ لجعلناه في صورة رجل، وذلك لأن البشر لا يستطيعون أن ينظروا إلى الملائكة في صورهم التي خلقوا عليها، ولذلك كانت الملائكة تأتي الأنبياء في صورة الإنسان، كما جاء جبريل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم في صورة دحية الكلبي، وكما جاء الملكان إلى داود عليه السّلام في صورة رجلين، وكذلك أتى الملائكة إلى إبراهيم، ولوط عليهما الصلاة والسّلام، ولما رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم جبريل في صورته التي خلق عليها؛ صعق لذلك، وغشي عليه. {وَلَلَبَسْنا..}. إلخ: هذا جواب ل (لو) محذوفة كما ستعرفه في الإعراب.
والمعنى: لو جعلنا الملك المنزل عليهم رجلا؛ لاشتبه الأمر عليهم، واختلط أيضا حيث يقولون له: إنما أنت بشر مثلنا، ولست بملك، ولست برسول، ولو استدل على ملكيته بالقرآن المعجز؛ لكذبوه كما كذبوا محمدا، عليه الصلاة والسّلام، ففيه تأكيد لاستحالة جعل الرسول ملكا. هذا؛ ويقرأ «(لبسنا)» بدون لام، كما يقرأ بالتشديد، وانظر الآية رقم [١٣٧] تجد ما يسرك.
الإعراب:{وَلَوْ:} الواو: حرف عطف. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره.
{جَعَلْناهُ:} فعل وفاعل ومفعول به. {مَلَكاً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية لا محل لها على نحو ما رأيت في الآية السابقة، وجملة:{لَجَعَلْناهُ رَجُلاً:} جواب لولا محل لها، ولو ومدخولها معطوف على ما قبله لا محل له مثله. {وَلَلَبَسْنا:} الواو: حرف عطف، وجملة:
{وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ:} جواب (لو) محذوفة انظر التقدير في الشرح. و (لو) المقدرة، ومدخولها معطوف على ما قبله لا محل له أيضا. {ما:} تحتمل الموصولة والموصوفة والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: يلبسونه، وعلى اعتبار:{ما} مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: لبسهم.
الشرح:{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ:} فيه تعزية، وتسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم عما كان من تكذيب المشركين له، واستهزائهم به، فقد جعل الله أسوة له في ذلك الأنبياء والمرسلين الذين كانوا قبله، وتلك سنة متبعة في الأولين، والآخرين، حيث لم يقم داع يدعو إلى الإصلاح