للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِذَا اِسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي نَجّانا مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ (٢٨)}

الشرح: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ} أي: علوت على السفينة، واستقررت فيها. {وَمَنْ مَعَكَ} أي:

من الذين آمنوا معك. {فَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي..}. إلخ: أمر الله نوحا-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-بالأمر بالدعاء والثناء المذكورين، إظهارا لفضله، وإشعارا بأن في دعائه، وحمده مندوحة عن دعاء قومه، وحمدهم، وثنائهم.

هذا؛ والمراد ب‍: {الظّالِمِينَ} الكافرين، وكثيرا ما يعبر القرآن عن الكافرين بالظالمين، والمجرمين، والمعتدين، والفاسقين، والمسرفين، وغير ذلك، ويتهددهم بالعذاب الأليم، ويتوعدهم بالعقاب الشديد، وإننا نجد الكثير من المسلمين يتصفون بهذه الصفات، فهل يوجه إليهم هذا التهديد، وهذا الوعيد؟ الحق أقول: نعم يتوجه إليهم ما ذكر، وهم أحق بذلك، لا سيما من قرأ القرآن، واطّلع على أحوال الأمم السابقة، وما جرى لهم مع رسلهم، وكيف نكل الله بهم، وجعلهم عبرة للمعتبرين، وما يتذكر إلا أولو الألباب. هذا؛ وانظر (الظلم) في الآية رقم [٦٠] من سورة (الحج).

هذا؛ و {الْحَمْدُ} في اللغة: الثناء بالكلام على الجميل الاختياري على جهة التبجيل، والتعظيم، سواء أكان في مقابلة نعمة أم لا؟ فالأول كمن يحسن إليك، والثاني كمن يجيد صلاته، وهو في اصطلاح علماء التوحيد: فعل ينبي عن تعظيم المنعم من حيث كونه منعما على الحامد أو غيره سواء أكان ذلك قولا باللسان، أو اعتقادا بالجنان، أو عملا بالأركان التي هي الأعضاء، كما قال القائل: [الطويل]

أفادتكم النّعماء منّي ثلاثة... يدي ولساني والضمير المحجّبا

ومما هو جدير بالذكر: أن معنى الشكر في اللغة هو معنى الحمد في الاصطلاح، وأما معنى الشكر في الاصطلاح، فهو: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله.

الإعراب: {فَإِذَا:} الفاء: حرف استئناف. (إذا): انظر الآية السابقة. {اِسْتَوَيْتَ:} فعل، وفاعل. {أَنْتَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع توكيد للضمير المتصل. {وَمَنْ:}

الواو: حرف عطف. (من): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع معطوف على الضمير المتصل، وهو التاء. {مَعَكَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، والكاف في محل جر بالإضافة. {عَلَى الْفُلْكِ:} متعلقان بالفعل {اِسْتَوَيْتَ}. {فَقُلِ:} الفاء: واقعة في جواب (إذا). (قل):

أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {الْحَمْدُ:} مبتدأ. {لِلّهِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: (قل...) إلخ جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر

<<  <  ج: ص:  >  >>