للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ناصحا لقومه، خائفا أن ينالهم مكروه. {فَقالَ الْكافِرُونَ} من أهل مكة. {هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ} أي:

معجب، وغريب كل الغرابة. وفي الحقيقة والواقع ليس هذا بعجيب، فإن الله يصطفي من الملائكة رسلا، ومن الناس، لا اعتراض عليه فيمن يصطفيه.

الإعراب: {ق:} فيه أوجه: أحدها: أنه خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هذه {ق}. الثاني:

أنه مفعول به لفعل محذوف، التقدير: اتل {ق}. الثالث: أنه مقسم به، التقدير: أقسم ب‍: {ق} .. {وَالْقُرْآنِ:} جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم بالقرآن.

{الْمَجِيدِ:} صفة (القرآن)، وعلى اعتبار {ق} مقسما به ف‍: (القرآن) معطوف عليه، وقد اختلف في الجواب، فقال الأخفش: هو جملة: {لَقَدْ عَلِمْنَا} على حذف اللام؛ أي: لقد علمنا، وقال الزجاج: الجواب محذوف، تقديره: والقرآن المجيد لتبعثنّ؛ لأنهم أنكروا البعث في الاية بعده، وقال ابن هشام: التقدير: لنهلكن، أو إنك لمنذر، وقال الكوفيون: الجواب: {بَلْ عَجِبُوا} والمعنى: لقد عجبوا، وقدر الجلال الجواب: ما آمن كفار مكة بمحمد صلّى الله عليه وسلّم. وقيل: الجواب قوله تعالى: {ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وقيل: غير ذلك.

{بَلْ:} حرف انتقال. {عَجِبُوا:} ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها مستأنفة. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب. {جاءَهُمْ:} ماض مبني على الفتح في محل نصب ب‍: {أَنْ،} والهاء مفعول به. {مُنْذِرٌ:} فاعل. {مِنْهُمْ:} متعلقان ب‍: {مُنْذِرٌ} أو بمحذوف صفة له، و {أَنْ} والفعل (جاء) في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: بل عجبوا من مجيء منذر منهم، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {فَقالَ:}

الفاء: حرف عطف. (قال): ماض. {الْكافِرُونَ:} فاعل مرفوع... إلخ. {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه، لا محلّ له. {شَيْءٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {فَقالَ..}. إلخ معطوفة على جملة:

{عَجِبُوا..}. إلخ، لا محلّ لها مثلها، وإظهار: {الْكافِرُونَ} في محل الإضمار للإشعار بتعنّتهم في هذا المقام، ثم التسجيل على كفرهم بهذا المقال.

{أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣)}

الشرح: {أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً} أي: أنبعث حين نموت ونبلى؟! وترك البعث لدلالة الكلام عليه. {ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} أي: بعيد الوقوع، فهم يعتقدون استحالة الرجوع بعد الموت والفناء إلى هذه البنية والتركيب الموجودين قبل الموت، وما أكثر ما ذكر القرآن مثل هذا عنهم في آياته، وآية (يس) رقم [٧٨]: {وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} من أكبر الشواهد على تعنّتهم. انظر شرحها هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>