للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(النمل): {هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ} وتخصيص المؤمنين، والمحسنين بالذكر؛ وهم جميعا بمعنى واحد؛ لأنهم هم المهتدون، والمنتفعون بآيات القرآن الكريم، فعملوا بتعاليمه، وامتثلوا أوامره، واجتنبوا نواهيه، فكانوا جديرين بكون القرآن هدى، ورحمة، وبشارة لهم برضا الله، ورضوانه.

والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {الم:} انظر إعرابه في أول سورة (الروم). {تِلْكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، وأجيز اعتباره خبرا لمبتدإ محذوف، التقدير: هذه تلك؛ فتكون {آياتُ} بدلا من اسم الإشارة، والأول أقوى معنى، وأصح إعرابا. واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {آياتُ:} خبر المبتدأ، أو بدل من اسم الإشارة. و {آياتُ} مضاف، و {الْكِتابِ} مضاف إليه. {الْحَكِيمِ:} صفة {الْكِتابِ،} والجملة الاسمية: {تِلْكَ آياتُ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو: {الم} على الوجه الثاني من وجهي الرفع كما رأيت، والرابط: اسم الإشارة على اعتبار الإشارة عائدة على {الم} وهي مستأنفة على بقية الأوجه فيه.

{هُدىً:} يجوز في محله النصب على الحال من: {آياتُ}. أي: هداية، ورحمة، والعامل اسم الإشارة لما فيه من معنى الفعل، ويجوز في محله الجر على أنه بدل من {الْكِتابِ} بدل اشتمال، كما يجوز أن يكون في محل رفع على أنه خبر لمبتدإ محذوف التقدير: هي هدى، أو على البدل من: {آياتُ،} أو على أنه خبر بعد خبر، وعلامة النصب، أو الجر، أو الرفع مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والألف الثابتة دليل عليها، وليست عينها. {وَرَحْمَةً:}

الواو: حرف عطف. (رحمة): معطوفة على ما قبله، وينبغي أن تعلم أنه قرئ برفعه، ونصبه، ولم يقرأ بجره، لذا فالبدلية من {الْكِتابِ} ضعيفة، تنبه لهذا. {لِلْمُحْسِنِينَ:} جار ومجرور متعلقان بأحد الاسمين على التنازع، أو بمحذوف صفة لأحدهما، وحذفت صفة الثاني.

{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)}

الشرح: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ:} يؤدونها في أوقاتها، ويحافظون على طهارتها، ويتمون ركوعها، وسجودها، وخشوعها، ومن لم يؤدها على الوجه الأكمل يقال عنه: صلى، ولا يقال:

أقام الصلاة. هذا؛ والصلاة في اللغة: الدعاء، والتضرع، وهي في الشرع: أقوال، وأفعال مخصوصة، مبتدأة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، ولها شروط، وأركان، ومبطلات، ومكروهات، ومندوبات مذكورة في الفقه الإسلامي، والصلاة من العبد معناها: التضرع، والدعاء، ومن الملائكة على العبد معناها: الاستغفار، وطلب الرحمة له، ومن الله على عباده معناها الرحمة وإنزال البركات، وقد جمعت الأنواع الثلاثة في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب: ٥٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>