للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرّحيم

[المقدمة]

الحمد لله الذي أرسل محمدا صلّى الله عليه وسلّم بالحق بشيرا، ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا، مبشرا من آمن، وعمل الصّالحات بجنة عرضها السموات والأرض، ومنذرا من كفر، وعاند، واقترف السيئات {فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلّى} وأنزل عليه كتابا كريما حوى علوم الأولين، والآخرين، {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً} كتابا عظيما لا ريب فيه، لا يتطرق لساحته تحريف، ولا يشوبه تبديل، ولا تزييف {لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}. كتابا حفظه الله الذي أنزله، ولم يكل حفظه إلى وليّ، ولا إلى صفيّ، بل تولاه برعايته، وعنايته إلى يوم يبعثون {إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ} كتابا فتح الله به أعينا عميا، وآذانا صمّا، وقلوبا غلفا، كتابا أسكت الفصحاء بفصاحته، وأخرس البلغاء ببلاغته، كتابا آمنت الجن بآياته، وأذعنت لتعاليمه {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً}.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا ربّ غيره، ولا معبود سواه، ولا طاعة، ولا تقديس إلا لشرعه وهداه، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، وحبيبه، وخليله، وصفيّه، ومصطفاه، صلّى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن والاه، واغفر يا رب لمن نهج نهجهم، وسلك طريقهم إلى يوم الدين.

وبعد: فإن علوم القرآن الكريم كثيرة، ومتنوعة، فهو منهل عذب لا ينضب ماؤه، ولا يصدّ وارده، وإنّ علماء المسلمين من يوم أنزله الله على قلب محمد صلّى الله عليه وسلّم، وهم يبحثون في علومه، ويتدارسون آياته للاطلاع على أسراره وكنوزه، كلّ يأخذ، ويغرف ما يقسمه الله له من تلك الأسرار والكنوز، فهناك علم الفقه، وهناك علم التفسير، وهناك علم المواريث، وهناك علم

<<  <  ج: ص:  >  >>