للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ}: هو مثل الآية السابقة في إعرابها. {فِيهِ}: متعلقان بما بعدهما. {يُغاثُ}: مضارع مبني للمجهول. {النّاسُ}: نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع صفة: {عامٌ}. (فيه): متعلقان بما بعدهما. {يَعْصِرُونَ}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون.. إلخ، والواو فاعله، والفعل يقرأ بتاء المضارعة أيضا، كما يقرأ بالبناء للمجهول، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها، والآية الكريمة بكاملها معطوفة على ما قبلها، فهي من مقول يوسف عليه السّلام.

{وَقالَ الْمَلِكُ اِئْتُونِي بِهِ فَلَمّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠)}

الشرح: {وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ}: وذلك أن الساقي رجع إلى الملك، وأخبره بما عبر به يوسف رؤياه، فعرف: أن الذي قاله كائن لا محالة، فأراد أن يراه، فطلب حضوره إليه، فرجع الساقي إلى يوسف، وقال له: أجب الملك، فذلك قوله تعالى: {فَلَمّا جاءَهُ الرَّسُولُ} ولكنه أبى أن يخرج معه حتى تظهر براءته للملك ولأعوانه مما رمي به، ولا يراه بعين النقص، وليعلم الملك: أنه سجن ظلما. {قالَ} أي: يوسف. {اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ} أي: إلى سيدك، وهو الملك. {فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} اذكر النساء جملة ليدخل امرأة العزيز فيهن مدخل العموم بالتلويح حتى لا يقع عليها تصريح، وذلك حسن عشرة وأدب، وفي الكلام محذوف، أي: فاسأله أن يتعرف حال النسوة، قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: فأرسل الملك إلى النسوة، وإلى امرأة العزيز، وكان العزيز قد مات. {إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} أي:

إن الله تعالى عالم بصنيعهن، وما احتلن في هذه الواقعة من الحيل العظيمة حين قلن لي: أطع مولاتك، وفيه تعظيم كيدهن، والاستشهاد بعلم الله عليه، وعلى أنه بريء مما قذف به، والوعيد لهن على كيدهن.

وفي النسفي-: وقال نبينا صلّى الله عليه وسلّم: «لقد عجبت من يوسف، وكرمه، وصبره، والله يغفر له، حين سئل عن البقرات العجاف، والسمان، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى اشترط أن يخرجوني، ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول، فقال: {اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ،} ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبثت لأسرعت الإجابة، وبادرت الباب، ولما ابتغيت العذر، إن كان لحليما ذا أناة، ومن كرمه وحسن أدبه أنه لم يذكر سيدته مع ما صنعت به، وتسببت فيه من السجن والعذاب، واقتصر على ذكر المقطعات أيديهن». انتهى.

هذا؛ واليد تستعمل في الأصل لليد الجارحة، وتطلق ويراد بها: القوة، والقدرة، كما في قوله تعالى: {يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} كما تطلق على: النعمة، والمعروف، ويقال: لفلان يد عندي،

<<  <  ج: ص:  >  >>