للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما هند إلاّ مهرة عربيّة... سليلة أفراس تجلّلها بغل

فإن ولدت مهرا فلله درّها... وإن ولدت نغلا فجاء به البغل

هذا؛ وخذ قوله تعالى في سورة (الحج) رقم [٥]: {يا أَيُّهَا النّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ،} وخذ قوله تعالى في سورة (المؤمنون) رقم [١٢] وما بعدها: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ}. وانظر شرح هذه الآيات في محالها، تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {جَعَلَ:} فعل ماض، والفاعل تقديره: «هو»، يعود إلى:

{الَّذِي}. {نَسْلَهُ:} مفعول به، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {مِنْ سُلالَةٍ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {نَسْلَهُ}. {مِنْ ماءٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {سُلالَةٍ}. {مَهِينٍ:} صفة {ماءٍ،} وجملة: {جَعَلَ..}. إلخ معطوفة على جملة الصلة، لا محل لها.

{ثُمَّ سَوّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩)}

الشرح: {ثُمَّ سَوّاهُ:} قومه، وأحسن خلقه، كما قال تعالى في سورة (الانفطار): {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ،} وقال تعالى في سورة التين: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}. {وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ:} دل بإضافة الروح إلى ذاته على أنه خلق عجيب، لا يعلم كنهه إلا هو، كقوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} الآية رقم [٨٥] من سورة (الإسراء) كأنه قال: ونفخ فيه من الشيء الذي اختص هو به، وبمعرفته، وفي الإضافة إلى ذاته تشريف، وتعظيم، وإن له شأنا، ولهذا من عرف نفسه، فقد عرف ربه.

{وَجَعَلَ لَكُمُ:} خلق، وأوجد وأنشأ. {السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ:} لتحسوا بها ما نصب الله في هذا الكون من الآيات. {وَالْأَفْئِدَةَ:} القلوب؛ لتتفكروا فيها في صنع الله، وما ذرأ، وما برأ، وخص الحواس الثلاث بالذكر؛ لأنها يتعلق بها من المنافع الدينية، والدنيوية ما لا يتعلق بغيرها، قال تعالى في سورة (النحل) رقم [٧٨]: {وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} هذا؛ وقد وحّد سبحانه السمع في هذه الآية وأمثالها دون الأبصار، والأفئدة؛ لأمن اللبس، ولأنه في الأصل مصدر، يقال: سمعت الشيء، سماعا،

<<  <  ج: ص:  >  >>