للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَسّاها: خاب، وخسر من دنس نفسه بالذنوب، والمعاصي، وأفسدها بالسيئات، والمنكرات، وأصله من: دسّ الشيء: إذا أخفاه، والعاصي يحاول إخفاء عصيانه، والمجرم يحاول إخفاء إجرامه. قال الجلال: وأصله: دسّسها، أبدلت السين الثانية ألفا تخفيفا. وقال الجمل: مأخوذ من التدسيس، وهو إخفاء الشيء في الشيء. والمعنى: أخمدها، وأخفى مكانتها بالكفر، والمعصية. انتهى. نقلا من الخطيب.

وعن زيد بن أرقم-رضي الله عنه-قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «اللهمّ إنّي أعوذ من العجز، والكسل، والبخل، والهرم، وعذاب القبر. اللهمّ آت نفسي تقواها، وزكّها، أنت خير من زكّاها، أنت وليّها، ومولاها. اللهمّ إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها». أخرجه مسلم.

الإعراب: {فَأَلْهَمَها:} الفاء: حرف عطف. (ألهمها): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله) تقديره: «هو»، والهاء مفعول به أول. {فُجُورَها:} مفعول به ثان. (تقواها): معطوف على ما قبله منصوب مثله، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، و (ها) في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فلها حكمه. {قَدْ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَفْلَحَ:} فعل ماض. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.

{زَكّاها:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر و (ها): مفعول به، والفاعل مستتر تقديره: «هو». انظر الشرح لعوده على (الله) أو على {مَنْ،} والجملة الفعلية جواب القسم في أول السورة وما عطف عليه، وحذفت اللام منه لطول الكلام؛ إذ الأصل: لقد أفلح... إلخ.

وقيل: الجواب محذوف، التقدير: لتبعثن. وقدره الزمخشري بقوله: ليدمدمن الله على كفار مكة؛ لتكذيبهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كما دمدم على ثمود؛ لأنهم كذبوا صالحا، وتبعه البيضاوي، والنسفي على ذلك، وجملة: {وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها} معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق.

{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ اِنْبَعَثَ أَشْقاها (١٢)}

الشرح: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها:} بطغيانها، وهو خروجها عن الحد في العصيان. وقيل:

هو مصدر، وخرج على هذا المخرج؛ لأنه أشكل برؤوس الآي، فهو كالرجعى، والحسنى، وشبههما من المصادر، والواو مبدلة من ياء، مثل: التقوى، وهذا إن كان من: طغى، يطغى، وأما إن كان من: طغى يطغو، فالواو أصلية. وقد قرئ بضم الطاء، وفتحها. وقيل: هما لغتان.

{إِذِ انْبَعَثَ:} قام، ونهض، وأسرع. {أَشْقاها:} أشقى قبيلة ثمود، وهو قدار بن سالف، أو هو ومن مالأه على قتل الناقة. قال تعالى في سورة (القمر) رقم [٢٩]: {فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ} وقد ذكرت قصة قوم ثمود مفصلة في سورة (الأعراف)، و (هود) و (الشعراء)، وفي سورة (القمر)، وفي سورة (الفجر) مختصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>