{لَيْسَ،} ومثل الاية الكريمة قول الأعور الشني، وهو الشاهد رقم [٢٥٧] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [المتقارب] هوّن عليك فإنّ الأمو... ر بكفّ الإله مقاديرها
فليس بآتيك منهيّها... ولا قاصر عنك مأمورها
هذا وجه للإعراب، والوجه الثاني اعتبار (لا) نافية، والجار والمجرور:{عَلَى الْأَعْرَجِ} متعلقين بمحذوف خبر مقدم، و {حَرَجٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها لا محلّ لها مثلها، و (قل) في الجملة الثانية مثل هذه الجملة. {وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف.
(من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَتَوَلَّ:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل تقديره:«هو» يعود إلى (من). {يُعَذِّبْهُ:} مضارع جواب الشرط مجزوم، والفاعل يعود إلى (من) أيضا، والهاء مفعول به. {عَذاباً:} مفعول مطلق. {أَلِيماً:} صفة:
{عَذاباً،} وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، فقيل: هو جملة الشرط. وقيل: هو جملة الجواب. وقيل: هو الجملتان، وهو المرجح لدى المعاصرين. هذا؛ ولا يمكن اعتبار (من) اسما موصولا لظهور الجزم في الفعلين. والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها، الأولى بالاستئناف، والثانية بالإتباع، وإعراب الأولى واضح إن شاء الله تعالى لظهور الجزم في الفعلين، وما يشبه الباقي في الاية رقم [٥].
الشرح:{لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} أي: الراسخين في الإيمان؛ أي: فعل فيهم فعل الراضي بما جعل لهم من الفتح، وما قدّر لهم من الثواب، وأفهم ذلك: أنه لم يرض عن الكافرين، فخذلهم في الدنيا مع ما أعدّ لهم في الاخرة من الخزي والنكال، والعاصون من المسلمين الفاسدون المفسدون سيلقون جزاءهم في الاخرة أيضا. {إِذْ يُبايِعُونَكَ:} بيعة الرضوان بالحديبية. {تَحْتَ الشَّجَرَةِ:} هي من شجر السّمر حصلت البيعة تحتها. {فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ:} من الصدق، والوفاء، كما علم ما في قلوب المنافقين من الشك، والنفاق. {فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} أي: أنزل الطمأنينة في قلوب المؤمنين. وانظر الاية رقم [٤]. {وَأَثابَهُمْ:} جازاهم، ومنحهم.
{فَتْحاً قَرِيباً:} هو فتح خيبر بعد انصرافهم من الحديبية.
قال الخازن-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: الفاء في: (علم) للتعقيب، وعلم الله قبل الرضا؛ لأنه تعالى علم ما في قلوبهم من الصدق، والإيمان، فرضي عنهم، فكيف يفهم التعقيب