للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضاف إليه. {الْمَعْلُومِ:} صفة الوقت، والجملة الاسمية: {فَإِنَّكَ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)}

الشرح: {قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي} أي: فبأي: شيء أضللتني. وقيل: المعنى فبسبب إغوائك إياي لأزينن... إلخ. وقيل: المعنى فبسبب وقوعي في الغي؛ لأجتهدن في غوايتهم حتى يفسدوا بسببي، كما فسدت بسببهم، وقال سليمان الجمل في سورة (الأعراف): غرضه بهذا أخذ ثأره منهم؛ لأنه لما طرد، ومقت بسببهم على ما تقدّم؛ أحب أن ينتقم منهم أخذا بالثأر. هذا؛ وضمير الجمع لذرية آدم، وإن لم يجر لهم ذكر، للعلم به.

{لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ:} مراده: تزيين المعاصي، والشهوات، وحب الدنيا، والانهماك في العمل لها. {وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} أي: لأضلنهم بإلقاء الوسوسة في قلوبهم، وذلك: أن إبليس لما علم بأنه سيموت على الكفر غير مغفور له؛ حرص على إضلال الخلق بالكفر، وإغوائهم. {إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} أي: المؤمنين الذين أخلصوا لك التوحيد والطاعة والعبادة، وهذا على قراءة كسر اللام، وعلى القراءة بفتح اللام يكون المعنى إلا من أخلصته، واصطفيته لتوحيدك، وعبادتك، وإنما استثنى إبليس المخلصين؛ لأنه علم أن وسوسته وكيده، لا يعملان فيهم، ولا يقبلان منه.

وحقيقة الإخلاص: فعل الشيء خالصا لله عن شائبة الغير، فكل من أتى بعمل من أعمال الطاعات فلا يخلو إما أن يكون مراده بتلك الطاعة وجه الله فقط، أو غير وجه الله، أو مجموع الأمرين، أما ما كان لله تعالى فهو الخالص المقبول، وأما ما كان لغير الله، فهو الباطل المردود، وأما من كان مراده مجموع الأمرين، فإن ترجح جانب الله تعالى كان من المخلصين الناجين، وإن ترجح الجانب الآخر كان من الهالكين؛ لأن المثل يقابله المثل، فيبقى القدر الزائد، وإلى أي الجانبين رجح؛ أخذ به. انتهى خازن.

الإعراب: {قالَ:} ماض، والفاعل يعود إلى (إبليس). {رَبِّ:} منادى حذفت منه أداة النداء، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٥] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام. {بِما} الباء: حرف جر. (ما): مصدرية. {أَغْوَيْتَنِي:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والنون للوقاية، وانظر إعراب:

(حفظنا) في الآية رقم [١٧] و (ما) المصدرية، والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم، أو أحلف؛ لأن الباء دالة على قسم

<<  <  ج: ص:  >  >>