للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمِ يُبْعَثُونَ: المراد به: يوم القيامة، وهو اليوم الذي يخرج فيه الناس من قبورهم للحساب، والجزاء بعد النفخة الثانية، فقال الله لإبليس لما سأل الإمهال: {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ؛} أي:

الممهلين المؤخرين، وقد قيد الله هذا الإمهال هنا بقوله: {إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} وهو النفخة الأولى التي يموت بسببها كلّ من في السموات والأرض إلا من شاء الله، ولم يقيده بسورة (الأعراف) للتفنن، فقد كره اللعين أن يذوق مرارة الموت، وطلب البقاء والخلود إلى النفخة الثانية، وحينئذ لا موت؛ لأن الموت يتم عند النفخة الأولى، فلم يعط سؤاله، وإنما أجيب طلبه، وهو الإمهال، مع أنه إنما طلبه ليفسد أحوال العباد، لما في ذلك من ابتلاء العباد، ولما في مخالفته من عظيم الثواب.

أقول: وإنما أمهله ربه ليكون سببا في وفاء وعده تعالى لجهنم: {وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ؛} إذ لولاه لكان الناس جميعا مهتدين. هذا؛ وقد ذكر الله في سورة (الكهف) أن له ذرية، وذلك ليكون لكل إنسان من بني آدم قرين، وشيطان، وإنما سمي يوم القيامة بيوم الوقت المعلوم؛ لأن ذلك اليوم لا يعلمه أحد إلا الله تعالى، فهو معلوم عنده.

وقيل: لأن جميع الخلائق يموتون فيه، فهو معلوم بهذا الاعتبار.

هذا؛ وقد قال البيضاوي: ويجوز أن يراد بالأيام الثلاثة يوم القيامة، واختلاف العبارات لاختلاف الاعتبارات، فعبر عنه أولا بيوم الجزاء؛ لما عرفت، وثانيا بيوم البعث؛ إذ به يحصل العلم بانقطاع التكليف، واليأس عن التضليل، وثالثا بالمعلوم؛ لوقوعه في الكلامين، ولا يلزم من ذلك أن لا يموت، فلعله يموت، أول اليوم، ويبعث مع الخلائق في تضاعيفه، وهذه المخاطبة وإن لم تكن بواسطة لم تدل على علو منصب إبليس؛ لأن خطاب الله له على سبيل الإهانة والإذلال. انتهى.

الإعراب: {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى إبليس. {رَبِّ:} منادى حذف منه أداة النداء، وانظر الآية رقم [٣٥] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام. {فَأَنْظِرْنِي} الفاء: انظر مثلها في الآية رقم [٢٤] وتقدير الكلام على اعتبارها الفصيحة: إن قضيت علي بهذا الجزاء فأنظرني.

(انظرني): فعل دعاء، وفاعله مستتر تقديره: «أنت»، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والجملة الفعلية يقال فيها ما قلته بجملة: {فَاخْرُجْ مِنْها}. {إِلى يَوْمِ:} متعلقان بالفعل قبلهما.

{يُبْعَثُونَ:} مضارع مبني للمجهول مرفوع إلخ... والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {يَوْمِ} إليها، والكلام {رَبِّ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}.

إلخ مستأنفة، لا محل لها. {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى «الله». {فَإِنَّكَ} الفاء: انظر مثلها فيما سبق. (إنك): حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {مِنَ الْمُنْظَرِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (إن)، {إِلى يَوْمِ:} متعلقان ب‍: {الْمُنْظَرِينَ،} و {يَوْمِ} مضاف، و {الْوَقْتِ}

<<  <  ج: ص:  >  >>