للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ضَرًّا:} مفعول به. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): زائدة لتأكيد النفي. {نَفْعاً:}

معطوف على ما قبله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها.

{وَاللهُ:} مبتدأ. {هُوَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان.

{السَّمِيعُ:} خبر الثاني. {الْعَلِيمُ:} خبر ثان له، والجملة الاسمية: {هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} في محل رفع خبر لفظ الجلالة. هذا؛ ويجوز اعتبار الضمير بدلا من لفظ الجلالة، وفصلا لا محلّ له، فيكون: {السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} خبرين للفظ الجلالة، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها، وجوز اعتبارها حالا من واو الجماعة، ويكون الرابط الضمير فقط، والاستئناف أقوى.

{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧)}

الشرح: {قُلْ:} خطاب لسيد الخلق، وحبيب الحقّ صلّى الله عليه وسلّم. {يا أَهْلَ الْكِتابِ:} الخطاب لأهل الكتابين: اليهود، والنّصارى. {لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} أي: غلوّا باطلا، والغلو: مجاوزة الحدّ، وذلك: أنّ الحقّ بين طرفي: الإفراط، والتفريط، ومجاوزة الحدّ، والتقصير مذمومان. فغلو النّصارى رفع عيسى فوق قدره بنسبة الألوهيّة إليه. وغلو اليهود وضعه؛ حيث قالوا: إنّه ابن زنى. وكلا الفريقين متجاوز للحدّ، فهو هالك بالإفراط، أو بالتفريط، وانظر الآية رقم [١٧١] من سورة (النساء) فإنّه جيد، والحمد لله!.

{وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ} يعني: أسلافهم، وأئمّتهم الذين خرجوا عن جادة الحقّ، والصّواب قبل مبعث محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث حرّفوا، وبدّلوا أحكام التوراة، والإنجيل.

والخطاب لليهود، والنصارى الذين كانوا في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، نهوا عن اتّباع أسلافهم فيما ابتدعوه من الضّلالة بأهوائهم. وانظر شرح: {الْهَوى} في الآية رقم [١٣٥] من سورة (النساء) فإنّه جيد، والحمد لله!. {وَأَضَلُّوا كَثِيراً} من الناس ممّن شايعوهم، وسمعوا منهم، واتّبعوهم على ضلالتهم، وأهوائهم. {وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ:} أي: أخطئوا الطريق السّويّ بعد مبعث محمد صلّى الله عليه وسلّم حيث كذّبوه، وعادوه، وبغوا عليه.

هذا؛ و «ضلّ» أكثر ما يستعمل بمعنى: كفر، وأشرك، وهو ضدّ: اهتدى، واستقام.

ومصدره: الضّلال، وهو كثير، ويأتي «ضلّ» بمعنى: غاب، كما في قوله تعالى: {وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ}. ويأتي بمعنى: خفي، يخفى، قال تعالى في سورة (طه) حكاية عن قول موسى لفرعون: {قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى}. وضلّ الشيء: ضاع، وهلك، ومنه قوله تعالى في سورة (الرعد) وفي سورة (غافر): {وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>