للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشياطين، هم الذين استغووهم، ثم ما يشبه الشماتة بهم، لاستغاثتهم آلهتهم، وعجزهم عن نصرتهم، ثم ما يبكتون به من الاحتجاج عليهم بإرسال الرسل، وإزاحة العلل.

الإعراب: {وَيَوْمَ:} الواو: حرف عطف. (يوم): معطوف على مثله في الآية رقم [٦٢]، أو هو مفعول به لفعل محذوف، تقديره: اذكر (يوم)، وجملة: {يُنادِيهِمْ} في محل جر بإضافة (يوم) إليها. {ماذا:} اسم استفهام توبيخي، مبني على السكون في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: بماذا، والجار والمجرور متعلقان بالفعل بعدهما، أو هو اسم استفهام مركب مبني على السكون في محل نصب مفعول مطلق قدم على عامله. هذا؛ وإن اعتبرت {ماذا} اسما مركبا مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ، والجملة الفعلية بعده خبره، والرابط محذوف، التقدير:

ماذا أجبتم به المرسلين؛ فالمعنى لا يأباه، وأقوى منه اعتبار (ما) اسم استفهام في محل رفع مبتدأ، و (ذا) اسما موصولا مبنيا على السكون في محل رفع خبره، والجملة الفعلية صلته، والعائد محذوف، والتقدير: ما الذي أجبتم به المرسلين، فهو كلام في غاية الوضوح.

{أَجَبْتُمُ:} فعل، وفاعل. {الْمُرْسَلِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، والجملة سواء أكانت اسمية أم فعلية في محل نصب مقول القول، وجملة: {فَيَقُولُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. تأمل، وتدبر.

{فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٦٦)}

الشرح: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ} أي: فصارت الأنباء كالعمي عليهم، لا تهتدي إليهم، وأصله: فعموا عن الأنباء، لكنه عكس مبالغة، ودلالة على أن ما يحضر الذهن، إنما يفيض، ويرد عليه من خارج، فإذا أخطأه؛ لم يكن له حيلة إلى استحضاره، والمراد ب‍: {الْأَنْباءُ} ما أجابوا به الرسل، أو ما يعمها، وإذا كانت الرسل يتعتعون في الجواب عن مثل ذلك من الهول الشديد، ويفوضون علم ذلك إلى الله تعالى، فما ظنكم بالضلال من أممهم؟! {فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ:} لا يسأل بعضهم بعضا عن الجواب؛ لفرط الدهشة، أو العلم بأنه مثله في العجز. انتهى. بيضاوي بحروفه. هذا؛ واعتبر ابن هشام في المغني قوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ} من باب القلب، وهذا باب واسع من أبواب النحو، ومن شواهده الشعرية الشاهد رقم [١١٨٧] إلى [١١٩٣] من كتابنا فتح القريب المجيب انظرها فيه تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

وقال القرطبي: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ:} خفيت عليهم الحجج. قاله مجاهد؛ لأن الله قد أعذر إليهم في الدنيا، فلا يكون لهم عذر، ولا حجة يوم القيامة. {فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ} أي:

بالأنساب والقرابات. قاله مجاهد. وقيل: لا يتساءلون سؤال تواصل، كما كانوا يتساءلون في

<<  <  ج: ص:  >  >>