فإن عفو المظلوم شرط المغفرة، ويؤيده ما روي: أنه استقبل القبلة قائما يدعو، ويوسف خلفه يؤمن، وقاموا خلفهما أذلة خاشعين حتى نزل جبريل عليه السّلام، فقال: إن الله تعالى قد أجاب دعوتك في ولدك، وعقد مواثيقهم بعدك على النبوة، وهو إن صح فدليل على نبوتهم، وأن ما صدر منهم كان قبل استنبائهم. {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ}: لذنوب عباده. {الرَّحِيمُ}:
بجميع خلقه.
قال عطاء الخراساني: طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منه إلى الشيوخ، ألا ترى إلى قول يوسف لإخوته:{لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ..}. وقول يعقوب:{سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي..}. إلخ.
الإعراب:{قالَ}: ماض، وفاعله يعود إلى يعقوب. {سَوْفَ}: حرف تسويف واستقبال.
{أَسْتَغْفِرُ}: مضارع والفاعل مستتر فيه تقديره: «أنا». {لَكُمْ}: متعلقان بما قبلهما. {رَبِّي}:
مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} انظر إعراب مثل هذه الجملة في الآية رقم [٨٣]، والكلام {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.
الشرح:{فَلَمّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ}: قيل: إن يوسف عليه السّلام بعث مع البشير مائتي راحلة وجهازا وأموالا، وسأل أباه أن يأتيه بأهله وولده جميعا، واستقبله يوسف، والملك، وأهل مصر، وكان أولاد يعقوب الذين دخلوا معه مصر اثنين وسبعين رجلا وامرأة، وقال مسروق: كانوا ثلاثة وتسعين، وكانوا حين خرجوا مع موسى وهارون عليهما السّلام ستمائة ألف، وخمسمائة، وبضعة وسبعين رجلا سوى الذرية والهرمى التي بلغت ألف ألف ومائتي ألف بعد أن أقاموا أربعمائة سنة.
وقال المرحوم عبد الوهاب النجار: وكان بين ورودهم إلى مصر، وخروجهم منها على يد موسى على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام خمس عشرة سنة، ومائتا سنة على ما حققه رحمة الله الهندي. انتهى. وأعتمد الأول.
وفي قوله تعالى:{أَبَوَيْهِ} تغليب الأب على الأم، وكذا في (والديه) تغليب أيضا، والمراد بأبويه هنا: أبوه وخالته (ليّا) لأن أمه (راحيل) توفيت في نفاس (بنيامين)، فنزلت الخالة منزلة الأم تكريما وتعظيما، كما أن العم ينزل منزلة الأب لذلك، هذا؛ والمراد بالدخول الأول: دخول