وأضيف: أن نوحا عليه السّلام كان من أولي العزم، وأنه لقي من العناء في دعوته قومه ما لم يلقه نبي أبدا، وإذا عرفت طول حياته، وأنه تعاقب عليه أجيال من قومه، وكل جيل يكون أفسد من سابقه؛ تبين لك ذلك واضحا؛ فلذا أمر الله نبينا محمدا في آخر قصته في هذه السورة بالتأسي به، والصبر على أذى قومه، كما صبر نوح عليه السّلام.
{قَوْمِهِ}: انظر الآية رقم [٢٨] الآتية {إِنِّي}: يقرأ بكسر الهمزة وفتحها. {نَذِيرٌ}: منذر، أي: مخوف بالعقاب من خالف أمر الله وعبد غيره، وكذلك مبشر بالثواب من آمن به، وعبده حق عبادته، وحذف مبشر اكتفاء بنذير، وكثيرا ما يذكر معه كما في الآية رقم [٢].
تنبيه: الحكمة من ذكر قصص الأنبياء عليهم السّلام تسلية النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتنبيه له على ملازمة الصبر على أذى الكفار، كما صبر الرسل الكرام، إلى أن يكفيه الله أمرهم، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٥٩] من سورة (الأعراف).
الإعراب:{وَلَقَدْ}: الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. اللام: واقعة في جواب القسم. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَرْسَلْنا}: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله ب «نا»، التي هي ضمير متصل في محل رفع فاعل. هذا الإعراب هو المتعارف عليه في مثل هذا، والإعراب الحقيقي أن تقول: مبني على فتح مقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بالسكون العارض، كراهة توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة، وقل مثله في إعراب كل ماض، اتصل به ضمير رفع متحرك، مثل: أرسلت، وأرسلن. {نُوحاً}: مفعول به. {إِلى قَوْمِهِ}: متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {نُوحاً،} والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا..}. إلخ جواب القسم لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف لا محل له. {إِنِّي}: حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم في محل نصب اسمها. {لَكُمْ}:
{إِنِّي..}. إلخ في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير: قال إني... إلخ وهذا على كسر الهمزة، وأما على فتحها، فتؤول (أن) مع اسمها وخبرها بمصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: بأني لكم... إلخ، والجار والمجرور متعلقان بالفعل:{أَرْسَلْنا}.
الشرح:{اللهَ}: علم على الذات الواجب الوجود، المستحق لجميع المحامد، وهو اسم الله الأعظم: الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، وإنما تخلفت الإجابة في بعض الأحيان عند الدعاء به؛ لتخلف شروط الإجابة؛ التي أعظمها أكل الحلال.