قال البيضاوي: خاطب كل رسول قومه به، إزاحة للتهمة، وتمحيصا للنصيحة، فإنها لا تنجع ما دامت مشوبة بالمطامع.
الإعراب:{يا قَوْمِ}: منادى انظر تفصيله في الآية [٢٨]{لا}: نافية. {أَسْئَلُكُمْ}: مضارع، والفاعل مستتر تقديره:«أنا»، والكاف مفعول به أول. {عَلَيْهِ}: متعلقان بما قبلهما. {أَجْراً}:
مفعول به ثان. {إِنْ}: حرف نفي. {أَجْرِيَ}: مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم. {إِلاّ}: حرف حصر. {عَلَى الَّذِي}: متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ.
{فَطَرَنِي}: ماض، وفاعله يعود إلى {الَّذِي،} والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {أَفَلا}: الهمزة: حرف استفهام وتقريع وتوبيخ. الفاء:
حرف عطف. (لا): نافية. {تَعْقِلُونَ}: مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة مع الجملة المقدرة المعطوفة عليها على القول الثاني، ومعطوفة على ما قبلها على القول الأول في الفاء. انظر الآية رقم [٢٤] ولعلك تدرك معي بعد ذلك أن الآية برمتها في محل نصب مقول القول، أي: إنها من مقول هود على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.
الشرح:{وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}: انظر الآية رقم [٣] ففيها الكفاية. {يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً}: كثيرة الأمطار. {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ} أي: شدة مع شدتكم، ويضاعف قوتكم، وإنما رغبهم بكثرة الأمطار وزيادة القوة؛ لأنهم كانوا أصحاب زروع وعمارات، وقيل: حبس الله عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم ثلاث سنين فوعدهم هود عليه السّلام إن هم آمنوا وتابوا أن يرسل الله عليهم المطر، ويعيد أرحام النساء إلى ما كانت عليه، فيزدادون قوة بالأموال والأولاد. {وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} أي: لا تعرضوا عما أدعوكم إليه، وتقيموا على الكفر، هذا؛ والإعراض والتولي والإدبار عن الشيء يكون بالجسم، ويستعمل في الإعراض عن الأمور والاعتقادات اتساعا ومجازا.
و (مدرار) مفعال يستوي فيه المذكر والمؤنث، هذا؛ و (زاد) ضد نقص، يكون لازما كقولك: زاد المال، ويكون متعديا لمفعولين، كما في الآية الكريمة، وقولك: زاد الله خالدا خيرا؛ بمعنى جزاه الله خيرا، وأما قولك: زاد المال درهما، والبر مدّا، فدرهما ومدّا تمييز، ومثله قل في «نقص»، ومن المتعدي لمفعولين قوله تعالى:{ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً}.
فائدة: جاء رجل إلى الحسن البصري، وشكا إليه الجدب، فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بساتينه، فقال: استغفر الله، وشكا إليه آخر