للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ياء المتكلم. {مَعِيَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة. {أَوْ:} حرف عطف. {رَحِمَنا:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {اللهُ،} و (نا): مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها.

{فَمَنْ:} (الفاء): واقعة في جواب الشرط. (من): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُجِيرُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (من)، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد. {الْكافِرِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، {مِنْ عَذابٍ:} متعلقان بالفعل {يُجِيرُ}. {أَلِيمٍ:} صفة {عَذابٍ،} والجملة الشرطية سدت مسد مفعولي {أَرَأَيْتُمْ،} وجملة: {أَرَأَيْتُمْ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وقال الجمل: {فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ} جواب الشرط. وفي تسببه عن الشرط بعد، ويمكن أن يقال: الجواب محذوف، تقديره: فلا فائدة لكم في ذلك، ولا نفع يعود عليكم؛ لأنكم لا مجير لكم من عذاب الله. تأمل. انتهى. فتكون الجملة تعليل الجواب المحذوف.

{قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩)}

الشرح: {قُلْ} أي: قل يا محمد لهؤلاء الكافرين في إنكارك عليهم، وتوبيخك لهم: الذي أدعوكم إليه {هُوَ الرَّحْمنُ:} مولي النعم، وشديد النقم، وراحم المسترحمين، وغافر للمستغفرين. {آمَنّا بِهِ:} أنه واحد أحد فرد صمد، لم يلد، ولم يولد، ولا يشبهه أحد في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. {وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا} في جميع أمورنا، كما قال تعالى في سورة (هود) على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام رقم [١٢٣]: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ،} وانظر الكلام على {وَكِيلاً} في سورة (المزمل) رقم [٩]. {فَسَتَعْلَمُونَ:} عن قريب. {مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ:} ولمن تكون العاقبة المحمودة في الدنيا، والآخرة.

قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: لم أخر مفعول: {آمَنّا} وقدم مفعول:

{تَوَكَّلْنا؟} قلت: لوقوع {آمَنّا} تعريضا بالكافرين، حين ورد عقيب ذكرهم، كأنه قيل: آمنا، ولم نكفر كما كفرتم، ثم قال: {وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا} خصوصا، لم نتوكل على ما أنتم متوكلون عليه من رجالكم، وأموالكم. انتهى. هذا؛ ويعني بمفعول الفعلين: الجار والمجرور بعدهما، فإن الفعلين لازمان، وقد تعديا بالجار والمجرور، ولو قال: معمول بدلا من: مفعول؛ لكان أوضح. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>