للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة المرسلات]

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة (المرسلات) وهي مكية بالاتفاق، وآياتها خمسون، وكلماتها مئة وثمانون، وحروفها ثمانمئة وستة عشر. وقال ابن مسعود-رضي الله عنه-: نزلت: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} على النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة الجن، ونحن معه نسير حتى أوينا إلى غار بمنى، فنزلت، فبينما نحن نتلقاها منه، وإن فاه لرطب بها؛ إذ وثبت علينا حية، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اقتلوها». فابتدرناها، فذهبت، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «وقيت شرّكم، كما وقيتم شرّها». أخرجه البخاري، ورواه مسلم مع اختلاف في بعض ألفاظه. والغار المذكور مشهور في منى يسمى غار المرسلات.

وعن كريب مولى ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قرأت سورة: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} فسمعتني أم الفضل امرأة العباس، فبكت. وقالت: والله يا بني لقد أذكرتني بقراءتك هذه السورة؛ إنها لآخر ما سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأ بها في صلاة المغرب. أخرجاه في الصحيحين من طريق مالك عن الزهري.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

{وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنّاشِراتِ نَشْراً (٣) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤) فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧)}

الشرح: اختلف المفسرون اختلافا كبيرا في تفسير هذه الآيات الخمس، فبعضهم حملها جميعا على الرياح، وبعضهم حملها جميعا على الملائكة، وبعضهم فصل، وتوقف الإمام ابن جرير، وقد اخترنا ما ذهب إليه ابن كثير، وما رجحه صاحب التسهيل؛ حيث قال: والأظهر في: (المرسلات، والعاصفات): أنها الرياح؛ لأن وصف الريح بالعصف حقيقة، والأظهر في (النّاشرات، والفارقات): أنها الملائكة؛ لأن قوله: {فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً} المذكورة بعدها هي الملائكة. ولم يقل أحد: إنها الرياح، ولذلك عطف المتجانسين بالفاء، فقال: (والمرسلات فالعاصفات) ثم عطف ما ليس من جنسها بالواو، فقال: (والنّاشرات) ثم عطف بالفاء، وهذا قول جيد.

هذا؛ ومعنى {عُرْفاً:} يتبع بعضها بعضا كعرف الفرس، تقول العرب: الناس إلى فلان عرف واحد: إذا توجهوا إليه، فأكثروا. وقيل: (عرفا): كثيرا. والأول أقوى. {فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً}

<<  <  ج: ص:  >  >>