للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادة الأصنام سبعين سنة يدعوها لعلها ترحمه، وتكشف ضره، فما استجابت له-وهذا يناقض ما ذكرته في الآية رقم [٢٥] الآتية-فلما أبصر الرسل، دعوه إلى عبادة الله تعالى، فقال: هل من آية؟ قالوا: نعم ندعو ربنا القادر، فيفرج عنك ما بك؟ فقال: إن هذا لعجب لي، أدعو هذه الآلهة سبعين سنة تفرج عني، فلم تستطع، فكيف يفرجه ربكم عني في غداة واحدة؟

قالوا: نعم، ربنا على ما يشاء قدير، وهذه لا تنفع شيئا، ولا تضر. فآمن، ودعوا ربهم، فكشف الله ما به، كأن لم يكن به بأس، فحينئذ أقبل على التكسب، فإذا أمسى تصدق بنصف كسبه، وأطعم عياله نصفا، فلما هم قومه بقتل الرسل؛ جاءهم ف‍ {قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}.

الإعراب: {وَجاءَ:} الواو: حرف استئناف. (جاء): فعل ماض. {مِنْ أَقْصَا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. و {أَقْصَا} مضاف، و {الْمَدِينَةِ} مضاف إليه. {رَجُلٌ:} فاعل. {يَسْعى:}

فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، والفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى: {رَجُلٌ}. والجملة الفعلية في محل رفع صفة: {رَجُلٌ،} وجملة: {وَجاءَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {قالَ:} ماض، وفاعله يعود إلى: {رَجُلٌ}. (يا): أداة نداء تنوب مناب: أدعو.

(قوم): منادى منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، المحذوفة للتخفيف، والياء المحذوفة ضمير في محل جر بالإضافة، وحذف الياء هذه إنما هو بالنداء خاصة؛ لأنه لا لبس فيه، ومنهم من يثبت الياء ساكنة، فيقول: يا قومي. ومنهم من يثبتها، ويحركها بالفتحة، فيقول: يا قومي. ومنهم من يقلبها ألفا بعد فتح ما قبلها، فيقول: يا قوما. ومنهم من يقول: يا قوم بضم الميم، ففيه خمس لغات، ويزاد سادسة، وهي حذف الياء بعد قلبها ألفا، وإبقاء الفتحة على الميم دليلا عليها، فيقول: يا قوم. {اِتَّبِعُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {الْمُرْسَلِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء إلخ، والجملة الفعلية، والندائية كلتاهما في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ في محل نصب حال من فاعل (يسعى) المستتر، والرابط: الضمير فقط، وهي على تقدير: «قد» قبلها.

{اِتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١)}

الشرح: كرر القول {اِتَّبِعُوا} تأكيدا، وبيانا للسبب، والمعنى: اتبعوا هؤلاء الرسل الكرام الصادقين المخلصين، الذين لا يطلبون منكم أجرا على ما يدعونكم إليه من توحيد رب العالمين، وهم على هدى، وبصيرة فيما يدعونكم إليه. قيل: كان يعبد الله في غار، فلما بلغه خبر الرسل؛ أتاهم، وأظهر دينه، وقال لهم: أتسألون على هذا أجرا؟ قالوا: لا! فأقبل على قومه، و {قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}. قاله قتادة، وهذا يخالف ما ذكرته في إيمانه سابقا.

وإنما قال: {يا قَوْمِ} تأليفا لقلوبهم، واستمالة لها لقبول النصيحة، وما قاله لهم كلمة جامعة في

<<  <  ج: ص:  >  >>