للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٨)}

الشرح: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ..}. إلخ: هم الذين اجتنبوا الطاغوت، وأنابوا إلى الله، وأراد الله منهم أن يكونوا مع الاجتناب، والإنابة على هذه الصفة، فوضع الظاهر موضع الضمير، أراد الله منهم أن يكونوا نقّادا في الدين، يميزون بين الحسن، والأحسن، والفاضل، والأفضل، فإذا اعترضهم أمران: واجب، وندب؛ اختاروا الواجب، وكذا المباح، والندب، حرصا على ما هو أقرب عند الله، وأكثر ثوابا، ويدخل تحته المذاهب، واختيار أثبتها على السبك، وأقواها عند السبر، وأبينها دليلا، أو أمارة، وأن لا تكون في مذهبك، كما قال القائل: [البسيط]

شمّر وكن في أمور الدّين مجتهدا... ولا تكن مثل عير قيد فانقادا

{أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ:} وفقهم لدينه، واتباع أوامره، واجتناب زواجره. {وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ:} أصحاب العقول السليمة، والفطر المستقيمة عن منازعة الهوى، والوهم، والعادة، وفي ذلك دلالة واضحة على أن الهداية تحصل بفعل الله، وقبول النفس لها. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه. انتهى. كشاف، أو يستمعون القرآن وغيره، فيتبعون القرآن. أو يستمعون أوامر الله، فيتبعون أحسنها، نحو القصاص، والعفو، ونحو ذلك. أو يستمعون الحديث مع القوم، فيه محاسن، ومساوئ، فيحدث أحدهم بأحسن ما سمع، ويكف عما سواه. وهذا من ثناء الله تعالى عليهم بنفوذ بصائرهم، وتمييزهم الأحسن من الكلام، فإذا سمعوا قولا؛ تبصّروه، وعملوا بما فيه، وأحسن الكلام كلام الله، وخير الهدى هدي محمد صلّى الله عليه وسلّم. هذا؛ وقال تعالى في الآية رقم [٥٥]: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}.

الإعراب: {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح، وفيه ثلاثة أوجه: الأول: في محل جر على أنه بدل من: {عِبادِ}. والثاني: في محل رفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هم الذين. والثالث: في محل نصب على أنه مفعول به لفعل محذوف، التقدير: أمدح الذين، وجملة: {يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} صلة الموصول لا محل لها، وجملة: {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {أُولئِكَ:} مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له.

{الَّذِينَ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {هَداهُمُ:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والهاء مفعول به، وهي العائد. {اللهُ:} فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {وَأُولئِكَ:} الواو: حرف عطف. (أولئك): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {هَداهُمُ:} بدل من اسم الإشارة،

<<  <  ج: ص:  >  >>