الأوثان. وقيل: إنه الكاهن. وقيل: إنه اسم أعجمي، مثل: طالوت، وجالوت، وهاروت، وماروت. وقيل: إنه اسم عربي مشتق من الطغيان، انتهى. قرطبي. هذا؛ والطاغوت هو كل ما عبد من دون الله، أو صد عن عبادة الله تعالى، وهو يطلق على المفرد والجمع والمذكر، والمؤنث، واشتقاقه من طغى يطغى، أو من طغا يطغو. {وَأَنابُوا إِلَى اللهِ:} رجعوا إلى الله بالتوبة والإنابة، ورجعوا إلى طاعته وعبادته.
{لَهُمُ الْبُشْرى} أي: في الدنيا، وفي الآخرة، أما في الدنيا؛ فالثناء عليهم بصالح أعمالهم، وعند الموت، وعند النزول في القبر. وأما في الآخرة؛ فعند الخروج من القبر، وعند الوقوف للحساب، وعند جواز الصراط، وعند دخول الجنة، وفي الجنة. ففي كل موقف من هذه المواقف تحصل لهم البشارة بنوع من الخير، والراحة، والرحمة، والروح، والريحان. انتهى.
خازن. وقد تقدم هذا المعنى كثيرا، قال تعالى في سورة (النحل): {الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} رقم [٣٢]، وقال في سورة (يونس) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ} رقم [٦٤]. {فَبَشِّرْ عِبادِ} أي: المؤمنين، الذين وصفهم الله في الآية التالية.
هذا؛ وقال زيد بن أسلم: نزلت الآية الكريمة في زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي ذر، وسلمان الفارسي. وروي: أنها نزلت في عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وسعيد، وطلحة، والزبير-رضي الله عنهم-سألوا أبا بكر-رضي الله عنه-فأخبرهم بإيمانه، فآمنوا، والصحيح أنها شاملة لهم، ولغيرهم ممن اجتنب عبادة الأوثان، وأناب إلى عبادة الرحمن.
الإعراب:{وَالَّذِينَ:} الواو: حرف عطف. (الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجملة:{اِجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ} صلة الموصول لا محل لها، والمصدر المؤول من:{أَنْ يَعْبُدُوها} في محل نصب بدل اشتمال من الطاغوت، وجملة:{وَأَنابُوا إِلَى اللهِ:} معطوفة على جملة الصلة، لا محل لها مثلها. {لَهُمُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.
{الْبُشْرى:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:{وَالَّذِينَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {فَبَشِّرْ:}
الفاء: الفصيحة، وانظر الآية رقم [٢]. (بشر): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت».
{عِبادِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للفاصلة، والياء المحذوفة في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، التقدير: إذا كان ذلك واقعا، وحاصلا؛ فبشر عبادي المؤمنين بجنات النعيم، والرضا، والرضوان، والعفو، والغفران، وكان مقتضى القياس الإضمار، وقد أظهر في موضع الإضمار للتعظيم، والتفخيم.