للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولان يوم الفتح، وشهدا حنينا، والطائف، وأما عتيبة؛ فلم يسلم. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٧] من سورة (عبس) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، والحمد لله.

فائدة بل طرفة:

جاء بنو أبي لهب يختصمون عند ابن عباس-رضي الله عنهما-فاقتتلوا، فقام ليحجز بينهم، فدفعه بعضهم، فوقع على الفراش، فغضب. وقال: أخرجوا عني الكسب الخبيث، يعني: ولد أبي لهب.

فائدة:

يروى: أن معاوية قال لابن عباس: إذا دخلت النار؛ فأين تجد عمك أبا لهب؟ فقال له ابن عباس-رضي الله عنهما-: إذا دخلت النار؛ تجده مفترشا عمتك أروى! فأفحم، ولم يحر جوابا.

هذا؛ وهلك أبو لهب بعد وقعة بدر بسبع ليال بمرض معد كالطاعون يسمى العدسة، وبقي ثلاثة أيام حتى أنتن، فلما خافوا العار؛ حفروا له حفرة، ودفعوه إليها بعود حتى وقع فيها، ثم قذفوه بالحجارة؛ حتى واروه، فكان الأمر كما أخبر القرآن. هذا؛ والعدسة: قرحة تعتري الإنسان، كانت العرب تهرب منها؛ لأنها بزعمهم تعدي أشد العدوى. وفي القاموس:

والعدسة: بثرة تخرج بالبدن فتقتل، وقد عدس، كعنى. فهو معدوس. انتهى.

{سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ} أي: سيدخل نارا حامية، ذات اشتعال، وتوقد عظيم، وإحراق شديد.

هذا؛ وانظر شرح: {سَأُصْلِيهِ} في سورة (المدثر) رقم [٢٦]، وشرح: {ذاتَ} في سورة (الملك) رقم [١٣]، وشرح {ناراً} في سورة (نوح) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام رقم [٢٥].

{وَامْرَأَتُهُ حَمّالَةَ الْحَطَبِ} أي: امرأة أبي لهب المذكورة قريبا. والمعنى: ستدخل معه النار مع الداخلين؛ لأنها كانت مع زوجها في نهاية العداوة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قيل: كانت تحمل الشوك، والحسك، والعضاه، والأقذار بالليل، فتطرحه في طريق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه؛ لتؤذيهم بذلك. وهي رواية عن ابن عباس-رضي الله عنهما-.

فإن قلت: إنها كانت من بيت العز، والشرف، فكيف يليق بها حمل الحطب، قلت: يحتمل أنها كانت مع كثرة مالها، وشرفها في نهاية البخل، والخسة، فكان يحملها بخلها على حمل الحطب بنفسها. ويحتمل: أنها كانت تفعل ذلك لشدة حقدها، وعداوتها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا ترى أنها تستعين في ذلك بأحد، بل تفعلها هي بنفسها. وقال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي: كانت تمشي بالنميمة بين الناس. تقول العرب: فلان يحطب على فلان: إذا حرش عليه. قال الشاعر: [الرجز]

إنّ بني الأدرم حمالو الحطب... هم الوشاة في الرّضا وفي الغضب

عليهم اللعنة تترى والحرب

<<  <  ج: ص:  >  >>