للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوابه في محل رفع صفة «أحد» المحذوف. ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (الصافات) رقم [١٦٤]: {وَما مِنّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ} وانظر الآية رقم [٤٦]، والجملة الاسمية: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ..}. إلخ مستأنفة، لا محلّ لها. {قَبْلَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، و {قَبْلَ:} مضاف، و {مَوْتِهِ} مضاف إليه، والهاء في محل جرّ بالإضافة.

{وَيَوْمَ:} الواو: حرف عطف. ({يَوْمَ}): ظرف زمان متعلق ب‍: {شَهِيداً} بعده، و (يوم) مضاف، و {الْقِيامَةِ:} مضاف إليه. {يَكُونُ:} فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر، تقديره:

هو، يعود إلى عيسى. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلّقان ب‍ {شَهِيداً} الذي هو خبر: {يَكُونُ} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة، لا محلّ لها على الاعتبارين.

{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً (١٦٠)}

الشرح: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا} أي: فبسبب ظلم منهم. {حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} يعني: ما حرمنا عليهم الطيّبات التي كانت حلالا لهم؛ إلا بظلم عظيم ارتكبوه، وذلك الظلم هو ما ذكره الله من نقضهم الميثاق، وما عدد عليهم من أنواع الكفر، والكبائر العظيمة، مثل قولهم:

اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، وكقولهم: أرنا الله جهرة، وكعبادتهم العجل، وأكلهم الربا، وأكلهم أموال الناس بالباطل، فبسبب هذه الأمور، وكثير غيرها حرّم الله عليهم طيبات كانت حلالا لهم، وهي ما ذكره الله في الآية رقم [١٤٦] من سورة (الأنعام): {وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ..}. إلخ. وقال الطبريّ-رحمه الله تعالى-في معنى الآية: فحرمنا على اليهود- الذين نقضوا ميثاقهم؛ الذي واثقوا به ربّهم، وكفروا بآيات الله، وقتلوا أنبياءهم، وقالوا البهتان على مريم، وفعلوا ما وصفهم الله في كتابه-طيبات في المآكل، وغيرها؛ التي كانت حلالا لهم، عقوبة لهم بظلمهم، الّذي أخبر الله عنه في كتابه.

هذا؛ وقال الواحدي: فأمّا وجه تحريم الطّيبات عليهم: كيف، ومتى كان، وعلى لسان من حرّم عليهم... ؟ فلم أجد فيه شيئا أنتهي إليه، فتركته. ولقد أنصف الواحدي-رحمه الله تعالى- فيما قال، فإنّ هذه الآية في غاية الإشكال، وبيانه: أنّ الله تعالى، لا يعاقب على ذنب قبل وقوعه، وقد ذكر المفسّرون في معنى الظّلم المذكور في الآية مما تقدّم ذكره، وكلّها ذنوب في المستقبل بعد التّحريم.

فإن قلت: علم الله تعالى وقوع هذه الذنوب قبل وقوعها، فحرّم عليهم ما حرّم من الطّيّبات؛ التي كانت لهم حلالا عقوبة لهم على ما سيقع منهم، قلت: جوابه ما تقدّم، وهو: أنّ الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>