{الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. {يَعْلَمُ:} مضارع، وفاعله يعود إلى {الَّذِي} وهو العائد. {السِّرَّ:} مفعول به. {فِي السَّماواتِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو بمحذوف حال من {السِّرَّ}. {وَالْأَرْضِ:} معطوف على ما قبله، وجملة:{يَعْلَمُ..}. إلخ صلة الموصول لا محل لها، وجملة:{أَنْزَلَهُ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:{قُلْ..}.
إلخ مستأنفة، لا محل لها. {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {كانَ:} ماض ناقص، واسمه يعود إلى {الَّذِي} أيضا. {غَفُوراً رَحِيماً:} خبران ل: {كانَ} وجملة:
{كانَ..}. إلخ في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{وَقالُوا} أي: كفار قريش. {مالِ هذَا الرَّسُولِ:} يعنون سيد الخلق، وحبيب الحق محمدا صلّى الله عليه وسلّم. {يَأْكُلُ الطَّعامَ:} كما نأكل. {وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ} أي: يلتمس المعاش، كما نلتمسه نحن، وإذا كان موصوفا بهذين الوصفين مثلنا؛ فمن أين له الفضل علينا؟ ولا يجوز أن يمتاز عنا بالنبوة، ولا يحق له أن يترفع علينا بشيء، وكانوا يقولون له: لست بملك؛ لأنك بشر مثلنا، والملك لا يأكل، ولا يملك؛ لأن الملك لا يتسوق، وأنت تتسوق، تبيع وتشتري في الأسواق. وما قالوه فاسد؛ لأن أكله الطعام لكونه آدميا، ولم يدّع أنه ملك، ومشيه في الأسواق لتواضعه. وكانت تلك صفته في التوراة، ولم يكن صخابا في الأسواق، وليس شيء من ذلك ينافي النبوة، ولم يدّع أنه ملك من الملوك. انتهى. خازن بتصرف.
وقال القرطبي: عيّروه بأكل الطعام؛ لأنهم أرادوا أن يكون الرسول ملكا، وعيّروه بالمشي في الأسواق حين رأوا الأكاسرة، والقياصرة، والملوك الجبابرة يترفعون عن الأسواق، وكان صلّى الله عليه وسلّم يخالطهم في أسواقهم، يأمرهم، وينهاهم، فقالوا: هذا يطلب أن يتملك علينا، فماله يخالف سيرة الملوك، فرد الله عليهم بقوله:{وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ..}. إلخ الآية رقم [٢٠] الآتية، وإنما قالوا ما تقدم لعمههم، وقصور نظرهم على المحسوسات، فإن تميز الرسل عن سواهم ليس بأمور جسمانية، وإنما هو بأحوال نفسانية، كما أشار إليه قوله تعالى:{قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ...}. الآية آخر سورة (الكهف).