كل ما لطف، ودق، يقال: سحره: إذا أبدى له أمرا يدق عليه، ويخفى. وقال الغزالي في الإحياء ما نصه: السحر نوع يستفاد من العلم بخواص الجواهر، وبأمور حسابية في مطالع النجوم، فيتخذ من تلك الحواس هيكل على صورة الشخص المسحور، ويترصد له في وقت مخصوص من المطالع، وتقرن به كلمات يتلفظ بها من الكفر، والفحش المخالف للشرع، ويتوصل بسببها إلى الاستغاثة بالشياطين، ويحصل من مجموع ذلك بحكم إجراء الله العادة أحوال غريبة في الشخص المسحور. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٠٢](البقرة) عن نسبة السحر إلى سليمان، عليه السّلام، والحكم في تعلمه، ومعنى (ساحر عليم) متفوق في علم السحر.
تنبيه: أسند القول هنا إلى {الْمَلَأُ،} وفي سورة (الشعراء) إلى فرعون نفسه: {قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ} وأجاب الزمخشري عن ذلك بثلاثة أوجه: أحدها أن يكون هذا الكلام صادرا منه، ومنهم، فحكي هنا عنهم، وفي الشعراء عنه. والثاني: أنه قاله ابتداء، وتلقنه عنه خاصته، فقالوه لأعقابهم. والثالث: أنهم قالوه عنه للناس. على طريق التبليغ، كما يفعل الملوك يرى الواحد منهم الرأي، فيبلغه للخاصة، ثم يبلغونه للعامة. وهذا الوجه قريب من الثاني في المعنى.
الإعراب:{قالَ الْمَلَأُ:} فعل، وفاعل. {مِنْ قَوْمِ:} متعلقان بمحذوف حال من:
{الْمَلَأُ،} و {قَوْمِ:} مضاف، و {فِرْعَوْنَ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {هذا:}
اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم {إِنَّ،} والهاء حرف تنبيه لا محل له.
{لَساحِرٌ:} خبر {إِنَّ} واللام المزحلقة. {عَلِيمٌ:} صفة ساحر، وجملة:{إِنَّ هذا..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ:} هذا من بقية الكلام الذي قبله، وفي (الشعراء) زيادة: {بِسِحْرِهِ} بيان لسبب الإخراج، وينبغي ملاحظته هنا. وهذه الجملة من كلام الملأ، وقد خاطبوا فرعون وحده بذلك تعظيما له كما يخاطب الملوك بصفة الجمع، أو يكونون قالوه له، ولامرأته، أو يكون من كلام فرعون على إضمار قول؛ أي: فقال لهم فرعون. والأول أصح، وأقوى. {فَماذا تَأْمُرُونَ:} بمعنى: ماذا تشيرون، من: المشاورة، والائتمار: التشاور في أمر من الأمور، وهو أولى من اعتباره من الأمر المعروف. هذا؛ ويقرأ الفعل بفتح النون، وكسرها.
وانظر باقي الكلام في الإعراب؛ ففيه مزيد إيضاح.
الإعراب:{يُرِيدُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (موسى)، والمصدر المؤول من الناصب، والمضارع في محل نصب مفعول به، التقدير: يريد إخراجكم. {مِنْ أَرْضِكُمْ:} متعلقان بالفعل