للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقدير: هو الذي. والثالث: على أنه في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، التقدير: أعني الذي. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {مُخْتَلِفُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، والجملة الاسمية صلة الموصول، لا محل لها. {كَلاّ:} حرف ردع وزجر. {سَيَعْلَمُونَ:} السين: حرف استقبال. (يعلمون): فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والمفعول محذوف للاختصار، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول لقول محذوف، والتي بعدها معطوفة عليها ومؤكدة لها.

{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧) وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (١١)}

الشرح: بعد أن هدد الله الكافرين، وتوعدهم بالعقاب الشديد، والعذاب الأليم، وفي ضمنه وعد للمؤمنين بالجزاء الحسن؛ ذكر الله أشياء من عجائب صنعه؛ ليستدلوا بذلك على توحيده، ويعلموا: أنه قادر على إيجاد العالم بعد عدمه، ثم فنائه، ثم بعثه للحساب، والثواب، والعقاب، فقال:

{أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً} أي: فراشا، وبساطا؛ لتستقر عليها الأقدام، كما قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٢]: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً} وقال في سورة (نوح) -على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً} والمعنى: ألم نجعل هذه الأرض التي تسكنونها ممهدة للاستقرار عليها، والتقلب في أنحائها؟ جعلناها لكم كالفراش، والبساط؛ لتستقروا عليها، كما يتقلب الإنسان على فراشه، وبساطه. قال في التسهيل: شبه الله الأرض بالبساط، والفراش في امتدادها، واستقرار الناس عليها. وأخذ بعضهم من الآيات: أن الأرض غير كروية. وفي ذلك نظر.

هذا؛ وقال الآلوسي-رحمه الله تعالى-: وليس في الآيات دلالة على أن الأرض مبسوطة غير كروية؛ لأن الكرة العظيمة يرى كل من عليها ما يليه مسطحا. ثم إن اعتقاد الكروية، أو عدمها ليس بلازم في الشريعة، لكن كرويتها كالأمر اليقيني، ومعنى جعلها بساطا، ومهادا، وفراشا؛ أي: تتقلبون عليها كالبساط... إلخ. وانظر الآية رقم [٤٨] من سورة (الذاريات).

{وَالْجِبالَ أَوْتاداً:} انظر الآية رقم [٢٧] من سورة (المرسلات). {وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً} أي:

وجعلناكم أيها الناس أصنافا: ذكورا، وإناثا؛ لينتظم أمر النكاح؛ الذي يحصل به التناسل.

وانظر ما ذكرته في سورة (القيامة) رقم [٣٩] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً:} راحة للأبدان بالانقطاع عن الأشغال، وأصل السبات من التمدد. وقيل للنوم: سبات؛ لأنه بالتمدد يكون، وفي التمدد معنى الراحة. وقيل: السبت: القطع، فالنوم انقطاع عن

<<  <  ج: ص:  >  >>