مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر فيه وجوبا تقديره:«نحن»، والكاف مفعول به. {قُلُوبِهِمْ:} متعلقان به، والجملة الفعلية جواب القسم المقدر، لا محل لها، وجواب الشرط محذوف على القاعدة:«إذا اجتمع شرط وقسم؛ فالجواب للسابق منهما» قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-: [الرجز] واحذف لدى اجتماع شرط وقسم... جواب ما أخّرت، فهو ملتزم
{ثُمَّ:} حرف عطف. {لا:} نافية. {يُجاوِرُونَكَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والكاف مفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على جواب القسم، لا محل لها مثله.
{فِيها:} متعلقان بما قبلهما. وقيل: متعلقان بمحذوف حال، ولا وجه له قطعا. {إِلاّ:} حرف حصر. {قَلِيلاً:} صفة مفعول مطلق، أو صفة زمان محذوف، التقدير: إلا جوارا قليلا، أو إلا زمانا قليلا. وقال مكي: حال من الواو، أي: لا يجاورونك إلا في حال قلتهم، وذلتهم.
الشرح:{مَلْعُونِينَ:} مطرودين من رحمة الله تعالى. {أَيْنَما ثُقِفُوا:} وجدوا، قال تعالى:{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}. هذا؛ و (الثقف) في الأصل: الحذق في إدراك شيء علما كان، أو عملا، فهو يتضمن معنى الغلبة. {أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً:} هذا خبر، ومعناه الأمر، أي:
خذوهم، واقتلوهم حيث وجدتموهم؛ إذا كانوا مصرين على النفاق، والإرجاف، قال القرطبي -رحمه الله تعالى-: وقد فعل بهم الطرد، واللعن، فإنه لما نزلت (براءة) جمعوا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: يا فلان قم فاخرج، فإنك منافق! يا فلان قم... إلخ، فقام إخوانهم من المسلمين، فأخرجوهم، وطردوهم من المسجد.
الإعراب:{مَلْعُونِينَ:} منصوب على الذم بفعل محذوف. وقيل: هو حال من واو الجماعة، وهو قول مكي، وأبي البقاء. ورده ابن هشام في المغني بقوله: لأن الصحيح: أنه لا يستثنى بأداة واحدة دون عطف شيئان. وقال الجمل: حال من مقدر حذف هو وعامله، التقدير: ثم يخرجون ملعونين، ثم قال: وفي السمين قوله: {مَلْعُونِينَ} حال من فاعل {يُجاوِرُونَكَ} قاله ابن عطية، والزمخشري، وأبو البقاء. قال ابن عطية: لأنه بمعنى: ينفون منها ملعونين، وقال الزمخشري: دخل حرف الاستثناء على الحال والظرف معا، كما مر في قوله تعالى:{إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ} وجوز الزمخشري أن ينتصب على الذم، وجوز ابن عطية أن يكون بدلا من {قَلِيلاً} على أنه حال كما تقدم تقريره؛ أي: لا يجاورك منهم أحد إلا قليلا ملعونا. ويجوز أن يكون منصوبا ب:{أُخِذُوا} الذي هو جواب الشرط. وهذا عند الكسائي، والفراء، فإنهما يجيزان تقديم معمول الجواب على أداة الشرط، نحو: خيرا إن تأتني