للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يشاؤونه من تكفير السيئات، والأمن من الفزع الأكبر، وسائر أهوال يوم القيامة إنما يقع قبل دخوله الجنة. انتهى. نقلا عن الكرخي. {ذلِكَ} أي: المذكور من الفضل الكبير. {جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ} أي: الذين أحسنوا القول، وأحسنوا العمل. هذا؛ ووصف الله المحسنين في سورة (الذاريات) بقوله: {كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}. لذا فالقول: إن المحسنين هم الذين يعملون جميع ما يحسن من الأعمال، ووصفهم بآية (لقمان) رقم [٤] بقوله: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} لفضل اعتداد بهذه الأمور الثلاثة، وفي قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم لجبريل عليه السّلام: «الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك». هذا؛ والجزاء: المجازاة، والمكافأة على عمل ما وتكون في الخير، كما في هذه الآية، وقال تعالى: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ} وتكون في الشر، قال تعالى في كثير من الآيات: {وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ} ونحوه كثير، والجزاء من جنس العمل، إن خيرا؛ فخير، وإن شرّا؛ فشرّ. هذا؛ والفعل: «جزى» ينصب مفعولين، مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ} رقم [٢٩] من سورة (الأنبياء)، وأيضا الآية التالية.

الإعراب: {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. وقيل: الجملة في محل رفع خبر ثان للمبتدأ في الآية السابقة، وهو (الذي)، والأول أقوى معنى.

{يَشاؤُنَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من الضمير المنصوب المحذوف، و {عِنْدَ} مضاف، و {رَبِّهِمْ} مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {جَزاءُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {الْمُحْسِنِينَ} مضاف إليه مجرور... إلخ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

وقيل: في محل نصب حال. ولا وجه له.

{لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥)}

الشرح: فإن قلت: ما معنى إضافة الأسوأ، والأحسن إلى {الَّذِي عَمِلُوا} وما معنى التفضيل فيهما؟ قلت: أما الإضافة؛ فما هي من إضافة أفعل إلى الجملة؛ التي يفضل عليها، ولكن من إضافة الشيء إلى ما هو بعضه من غير تفضيل، كقولك: الأشج أعدل بني مروان، وأما التفضيل فإيذان بأن السّيّئ الذي يفرط منهم من الصغائر، والزلات المكفرة هو عندهم

<<  <  ج: ص:  >  >>