مدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم في الشّعر، والخطب، والمخاطبة، ولم يحث التّراب في وجوه المدّاحين، ولا أمر بذلك، كمدح العباس، وحسّان، وكعب بن زهير، وكعب بن مالك له بشعرهم، وكقول أبي طالب فيه صلّى الله عليه وسلّم-وهو الشّاهد رقم [٢٢٥] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الطويل]
{وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} أي: الذين يزكيهم الله لا يظلمون بنقص ثوابهم، ولا بزيادة سيّئاتهم، وهو يعمّ الذين يزكّون أنفسهم، وغيرهم من جميع النّاس. هذا؛ و (الفتيل) هو الخيط الذي يكون في شق التّمرة، يضرب به المثل في الحقارة. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-وغيره: هو ما يخرج بين إصبعيك، أو كفيك من الوسخ إذا فتلتهما. ومثل هذا في التحقير قوله تعالى في الآية رقم [١٢٤]: {وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} والنقير هو: النقرة في ظهر النّواة، تنبت منها النّخلة. و (القطمير) هو: القشرة التي تحيط بالنواة، قال تعالى في سورة فاطر:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}. ويضرب بالثلاثة المثل في الشيء الحقير التافه؛ الذي لا قيمة له.
الإعراب:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ:} انظر الآية رقم [٤٤]. {يُزَكُّونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها، وجملة:{أَلَمْ تَرَ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها. {أَنْفُسَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جرّ بالإضافة.
{بَلِ:} حرف إضراب، تبتدأ بعده الجمل. {اللهُ:} مبتدأ. {يُزَكِّي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدّرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى:{اللهُ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {يَشاءُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:{اللهُ} والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف، التقدير: يزكّي الذي، أو: شخصا يشاؤه. {وَلا:} الواو: حرف عطف. {لا}): نافية. {يُظْلَمُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو نائب فاعله. {فَتِيلاً:} صفة مفعول مطلق محذوف، التقدير: ظلما فتيلا. وقيل: مفعول به ثان على تضمين: {يُظْلَمُونَ:} ينقصون، والجملة الفعلية:{وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً} معطوفة على جملة محذوفة، تقديرها: فهم يعاقبون، أو: هم يثابون، ولا يظلمون فتيلا. هذا؛ والتقدير اختلف بحسب تفسير واو الجماعة.
الشرح:{اُنْظُرْ كَيْفَ..}. إلخ الخطاب للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وفحواه: تعجيبه صلّى الله عليه وسلّم ممّا ذكر عنهم في الآية السّابقة. {يَفْتَرُونَ:} يختلقون، والافتراء: الاختلاق، ومنه: افترى فلان على فلان، أي: