الإعراب:{فَتَنازَعُوا:} الفاء: حرف استئناف. (تنازعوا): ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو فاعله، والألف للتفريق. وانظر إعراب (قالوا) في الآية رقم [٢٦] من سورة (مريم) عليها السّلام، والجملة الفعلية مستأنفة، أو هي معطوفة على جملة:{قالَ لَهُمْ..}. إلخ لا محل لها على الاعتبارين. {أَمْرَهُمْ:} مفعول به. {بَيْنَهُمْ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، والهاء في محل جر بالإضافة. {النَّجْوى:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، وجملة:{وَأَسَرُّوا النَّجْوى} معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.
الشرح:{قالُوا} أي: السحرة، أو فرعون، وقومه على مثال ما رأيت. {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ:} هذه الجملة تقرأ: «(إنّ هذين لساحران)» وهذه القراءة موافقة للإعراب، مخالفة لرسم المصحف، ويقرأ:{إِنْ هذانِ لَساحِرانِ} وهذه القراءة سلمت من مخالفة المصحف ومن فساد الإعراب، ويكون معناها، ما هذان إلاّ ساحران، فإن نافية بمعنى:«ما» واللام بمعنى: إلا، والإعراب واضح، واعتبرها ابن هشام في الشذور مخففة من الثقيلة مهملة لا عمل لها، وهذان مبتدأ، واللام هي الفارقة، وساحران خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: لهما ساحران، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، وفاته أنّ المخففة المهملة يشترط أن يليها فعل ناسخ للابتداء مثل قوله تعالى:{وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ}. {وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ} قال ابن مالك رحمه الله تعالى: [الرجز]
والفعل إن لم يك ناسخا فلا... تلفيه غالبا بإن ذي موصلا
ويقرأ: «(إنّ هذان لساحران)» فوافقوا رسم المصحف، وخالفوا الإعراب.
قال النحاس: فهذه ثلاث قراءات قد رواها الجماعة الأئمة. قال القرطبي: وللعلماء في قراءة أهل المدينة، والكوفة-ويعني بها الأخيرة-ستة أقوال ذكرها ابن الأنباري في آخر كتاب الردّ له، وذكرها النحاس في إعرابه، والمهدوي في تفسيره:
القول الأول: أنها لغة بني الحارث بن كعب، وزبيد، وخثعم، وكنانة بن زيد، يجعلون رفع الاثنين، ونصبه، وخفضه بالألف، وأنشد الفراء قول المتلمس:[الطويل]
فأطرق إطراق الشجاع، ولو رأى... مساغا لناباه الشّجاع لصمّما
الشجاع: الثعبان العظيم، وصمم: عضّ، ونيّب، ويقولون: كسرت يداه، وركبت علاه بمعنى: كسرت يديه، وركبت عليه. وقال هوبر الحارثي:[الطويل]