تزوّد منّا بين أذناه طعنة... دعته إلى هابي التّراب عقيم
أي: بين أذنيه. وقال أبو النجم العجلي، وينسب لرؤبة بن العجاج: [الرجز]
إنّ أباها وأبا أباها... قد بلغا في المجد غايتاها
أي: إن أبا أبيها، وغايتيها. قال أبو جعفر النحاس: وهذا القول من أحسن ما حملت عليه الآية؛ إذ كانت هذه اللغة معروفة، وقد حكاها من يرتضى بعلمه، وأمانته. منهم أبو زيد الأنصاري، وأبو الخطاب الأخفش، والكسائي، والفراء، كلهم قالوا: هذا على لغة بني الحارث بن كعب.
القول الثاني: أن تكون إنّ بمعنى: «نعم». قال الشاعر: [الكامل]
قالوا: غدرت فقلت إنّ وربّما... نال العلا وشفى الغليل الغادر
أي: فقلت: نعم، فعلى هذا جائز أن يكون قول الله عز وجل: {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ} بمعنى:
نعم، ولا تنصب. قال النحاس: أنشدني داود بن الهيثم. قال: أنشدني ثعلب: [الرمل]
ليت شعري هل للمحبّ شفاء... من جوى حبّهنّ؟ إنّ اللّقاء
أي: نعم هو اللقاء. وقال عبد الله بن قيس الرقيات: [مجزوء الكامل]
ويقلن شيب قد علا... ك وقد كبرت فقلت: إنّه
أي: فقلت: نعم، والهاء للسكت. قال ابن هشام في مغنيه: وردّ بأنّا لا نسلم: أن الهاء للسكت، بل هي ضمير منصوب بها، والخبر محذوف؛ أي: إنه كذلك، والجيد الاستدلال بقول ابن الزبير-رضي الله عنهما-لمن قال له: لعن الله ناقة حملتني إليك: (إنّ وراكبها) أي: نعم، ولعن راكبها.
هذا؛ وذكر القرطبي سندا طويلا يتصل بعلي بن أبي طالب-كرم الله وجهه-أنه قال:
لا أحصي كم سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول على منبره: «إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه». كأنه صلّى الله عليه وسلّم يريد: نعم الحمد لله... إلخ وذلك: أن خطباء الجاهلية كانت تفتتح خطبها بنعم.
القول الثالث: قاله الفراء: وجدت الألف دعامة ليست بلام الفعل، فزدت عليها نونا ولم أغيرها، كما قلت: الذي، ثم زدت عليها نونا فقلت: جاءني الذي عندك، ورأيت الذين عندك، ومررت بالذين عندك.
الرابع: قاله بعض الكوفيين. قال: الألف في هذان مشبهة بالألف في يفعلان، فلم تغير.
القول الخامس: قال أبو إسحاق: النحويون القدماء يقولون: الهاء هاهنا مضمرة، والمعنى: إنّه هذان لساحران. قال ابن الأنباري: فأضمرت الهاء التي هي منصوب (إنّ)،