و {هذانِ} خبر، و (ساحران) يرفعهما «هما» المضمر، والتقدير: إنه هذان لهما ساحران، والأشبه عند أهل هذا الجواب: أن الهاء اسم (إنّ) وهذان رفع بالابتداء، وما بعده خبر الابتداء.
السادس: قال أبو جعفر النحاس: وسألت أبا الحسن بن كيسان عن هذه الآية، فقال:
القول عندي: أنه لما كان يقال: (هذا) في موضع الرفع والنصب والخفض على حال واحدة، وكانت التثنية يجب ألا يغير لها الواحد أجريت التثنية مجرى الواحدة. انتهى. قرطبي بتصرف كبير مني مع ما أضفته من المغني لابن هشام. رحم الله الجميع رحمة واسعة! وله في الشذور وجهان آخران بعيدان.
أقول: والمعتمد عند النحويين القولان: الأول، والثاني، وهما اللذان يستشهدون لهما بما ورد من شعر العرب، كما رأيت والله الموفق، والمعين وبه أستعين. ويبقى إشكال على القول الثاني، وهو دخول اللام على خبر المبتدأ، ويؤول الكلام بما يلي:(إنّ هذان لهما ساحران) وفحواه أن (ساحران) خبر مبتدأ محذوف، والجملة الاسمية خبر {هذانِ}.
{يُرِيدانِ} أي: موسى، وهارون. {أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ:} أرض مصر. {وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى:} وهذا من قول فرعون وملئه للسحرة؛ أي: غايتهما إفساد دينكم الذي أنتم عليه، كما حكى الله عن فرعون في آية أخرى:{إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ} هذا؛ والطريقة: المذهب الذي يتبعه الإنسان، والسنة التي يسير على نهجها، فيكون المعنى:
ويذهبا بمذهبكم الذي هو أفضل المذاهب بإظهار مذهبه، وإعلاء دينه. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يعني: يذهبا بسراة قومكم، وأشرافكم. وقيل: أراد أهل طريقتكم، وهم بنو إسرائيل، فإنهم أرباب علم، ويرجعون بالانتساب إلى الأنبياء، والمعتمد الأول. هذا؛ و {الْمُثْلى} تأنيث الأمثل، كما أن الفضلى تأنيث الأفضل، والحسنى تأنيث الأحسن.
الإعراب:{قالُوا:} فعل، وفاعل، والألف للتفريق. {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ} انظر القول الأول، والثاني: في الشرح ففيهما الكفاية. {يُرِيدانِ:} مضارع مرفوع... إلخ، وألف الاثنين فاعله. {أَنْ يُخْرِجاكُمْ:} مضارع منصوب ب: {إِنْ،} وعلامة نصبه حذف النون، والألف فاعله، والكاف مفعوله، وأن والمضارع في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به. {مِنْ أَرْضِكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {بِسِحْرِهِما:} متعلقان بالفعل قبلهما أيضا، أو هما متعلقان بمحذوف حال من ألف الاثنين؛ أي: ملتبسين بسحرهما. والكاف والهاء في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية. وجملة:{يُرِيدانِ..}. إلخ في محل رفع صفة (ساحران). {وَيَذْهَبا:} معطوف على ما قبله منصوب مثله، وألف الاثنين فاعله، {بِطَرِيقَتِكُمُ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والكاف في محل جر بالإضافة. {الْمُثْلى:} صفة طريقتكم مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف، والكلام في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.