للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجملة: {كُتِبَ..}. إلخ في محل جر صفة ثانية ل‍: {شَيْطانٍ،} أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم، وهي على تقدير «قد» قبلها، وتبقى الجملة: {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{يا أَيُّهَا النّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اِهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥)}

الشرح: {يا أَيُّهَا النّاسُ:} هذا النداء يعم جميع بني آدم. {إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ} أي: في شك من الإعادة، والإحياء بعد الموت. والمراد بالبعث: الخروج من القبور بعد النفخة الثانية، وما يعقبها من الحساب، والميزان، والصراط... إلخ، مما يكون يوم القيامة. {فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ:} هذا الخلق من التراب على قولين: غير مباشر، ومباشر، فالأول خلق أبينا آدم من تراب، كما رأيت في سورة (الحجر) الآية رقم [٢٦]، والثاني: كل واحد منا خلق من التراب، وذلك إذا نظرنا إلى المادة التي يتخلق منها الإنسان، فإنها من الدم بلا ريب، والدم مصدره من الطعام، والشراب، وأنواع الغذاء، وكل ذلك مخرجه من التراب، كما هو معروف.

{ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ:} وهو المني، سمي نطفة لقلته، ويكون من الرجل، والمرأة، والجمع: نطاف، ونطف، والنطفة: الماء الصافي قل، أو كثر. {ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} أي: من دم جامد غليظ، وذلك أن النطفة تصير دما غليظا بعد أربعين يوما من استقرارها في الرحم، والعلقة: دويبة سوداء تعيش في الأرض الرطبة، والجمع: علق. {ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ:} وهي لحمة قليلة قدر ما يمضغ في الفم، وهذا يكون بعد ثمانين يوما من استقرار النطفة في الرّحم.

{مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أي تامة الخلق، وغير تامة الخلق، وقيل: مصورة وغير مصورة، وقال ابن زيد: المخلقة التي خلق الله فيها الرأس، واليدين، والرجلين، {وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} التي لم يخلق فيها شيء. وقيل: المخلقة: الولد الذي تأتي به المرأة لوقته، وغير المخلقة: السقط، فكأنه سبحانه قسم المضغة قسمين: أحدهما تام الصورة، والحواس، والتخطيط، والقسم الثاني هو الناقص عن هذه الأحوال كلها، وانظر الطورين الآخرين في الآية رقم [١٤] من سورة (المؤمنون).

<<  <  ج: ص:  >  >>