للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {بِشَرَرٍ:} متعلقان بما قبلهما. {كَالْقَصْرِ:} متعلقان بمحذوف صفة (شرر). هذا؛ وإن اعتبرت الكاف اسما بمعنى مثل، فهي الصفة، وتكون مضافة، و (القصر) مضاف إليه. {كَأَنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {جِمالَتٌ:} خبرها.

{صُفْرٌ:} صفة {جِمالَتٌ،} والجملة الاسمية في محل جر صفة ثانية ل‍: (شرر)، أو في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم على مثال ما تقدم. {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} انظر إعرابها ومحلها في الآية رقم [١٥].

{هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧)}

الشرح: {هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ:} يعني بحجة تنفعهم. قيل: هذا في بعض مواطن القيامة، ومواقفها، وذلك؛ لأن في بعضها يتكلمون، وفي بعضها يختصمون، وفي بعضها يختم على أفواههم، فلا ينطقون. وهذا مروي مثله عن ابن عباس-رضي الله عنهما-. {وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ:} انظر سورة (غافر) رقم [٥٢].

والمعنى: لا يكون لهم إذن، واعتذار. قال الجنيد-رحمه الله تعالى-: أي: عذر لمن أعرض عن منعمه، وجحده، وكفر أياديه، ونعمه؟! فإن قلت: قد توهم أن لهم عذرا، ولكن قد منعوا من ذكره؛ قلت: ليس لهم عذر في الحقيقة؛ لأنه قد تقدم الإعذار، والإنذار في الدنيا، فلم يبق لهم عذر في الآخرة، ولكن ربما تخيلوا خيالا فاسدا: أن لهم عذرا، فلم يؤذن لهم في ذلك العذر الفاسد. انتهى. خازن.

وقال أيضا: عطف {فَيَعْتَذِرُونَ} على ما قبله، واختير ذلك؛ لأن رؤوس الآي بالنون، فلو قال: فيعتذروا لم يوافق الآيات. والعرب تستحب وفاق الفواصل، كما تستحب وفاق القوافي، والقرآن نزل على ما تستحب العرب من موافقة المقاطع، والمعنى لا يكون إذن، واعتذار. انتهى.

هذا؛ وقال الجلال: عطف على (يؤذن) من غير تسبب عنه، فهو داخل في حيز النفي؛ أي:

لا إذن، فلا اعتذار. قال الجمل: ما قاله جواب عما يقال: إن العطف بالفاء، أو بالواو على المنفي يقتضي نصب المعطوف؛ فلم رفع في الآية؟ وحاصل الجواب: أنه إنما ينصب إذا كان متسببا عن المنفي، نحو قوله تعالى في سورة (فاطر) رقم [٣٦]: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} أما إذا لم يكن متسببا، كما هنا، وإنما قصد توجه النفي إلى كل من المعطوف، والمعطوف عليه، فإنه يرفع. انتهى. جمل. أقول: ومثل ذلك قوله تعالى في سورة (الحج) رقم [٦٣]: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} حيث رفع (تصبح) ولم ينصب بعد الفاء؛ لأن خضرة الأرض لا تتسبب عن الرؤية، وإنما تتسبب عن نزول المطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>