الشرح:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} أي: ألم نفتح لك صدرك للإسلام؟! وروى أبو صالح عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: ألم نلين لك قلبك؟ وروى الضحاك عن ابن عباس أيضا قال: قالوا: يا رسول الله! أينشرح الصدر؟! قال:«نعم وينفسح». قالوا: يا رسول الله! وهل لذلك علامة؟ قال:«نعم التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاعتداد للموت قبل نزول الموت». أخرجه الطبري عن ابن مسعود-رضي الله عنه-. وانظر قوله تعالى في سورة (الزمر)[٢٢]: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} وقوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [١٢٥]: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ}. قال ابن كثير: وكما شرح الله صدره كذلك جعل شرعه فسيحا سمحا سهلا، لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق. وروي عن الحسن البصري-رحمه الله تعالى-قال:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} قال: ملئ حكما، وعلما. فعن أنس بن مالك، عن مالك ابن صعصعة: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أتاه جبريل-عليه السّلام-وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه، فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرجه، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده إلى مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (حليمة) فقالوا: إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه، وهو منتقع اللون. قال أنس-رضي الله عنه-:
وقد كنت أرى أثر الخيط في صدره. وهذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه. أقول: وهذا كان في صغره يوم كان صغيرا رضيعا عند حليمة السعدية-رضي الله عنها-، وتكررت هذه العملية الجراحية في ليلة الإسراء والمعراج على الصحيح.